صناعة المحتوى المرئي إلى أين؟

قبل أكثر من عشرين سنة، كان جهاز الفيديو من الضروريات في المنزل، كنا نحرص على وجوده لعدة أسباب، من أهمها أنه الوسيلة الأهم للترفيه، ومع أجهزة الفيديو نشطت محلات إيجار الأفلام، كانت باشتراك أولي يبلغ خمسون ريالاً إذا لم تخني الذاكرة، ومن ثم تدفع لإيجار كل فيلم مبلغ معين، وكان المسموح استئجار من ثلاث إلى خمس أفلام خلال زيارة المحل الواحدة.

ثم أتت القنوات الفضائية، ولم تغني كلياً عن محلات بيع وإيجار الفيديو، وإنما كنا في أمس الحاجة لأجهزة الفيديو بسبب أننا نحتاج لعدم الارتباط أمام التلفاز، فكنا نبحث عن جهاز فيديو يتيح التسجيل المضغوط، فكان شريط الفيديو ذي الساعتين تستطيع أن تسجل عليه أربع ساعات بث، وكان أعلى شريط فيديو تصل سعته لأربع ساعات أي ثمان ساعات بث، فكان لابد أن تسجل قناة واحدة فقط قبل الخروج من المنزل، وإذا تغيرت القناة انتهى الأمر.

وبعدها كانت أجهزة استقبال القنوات الفضائية الرقمية التي تتيح التسجيل، وبدأنا نرتاح من المعاناة السابقة، فتوقيت التسجيل متاح إلكترونياً، وفقط كان العيب الوحيد في أول الأجهزة التي اقتنيتها أنه في حلات تسجيل قنوات تبث أفقياً لا يعرض الجهاز القنوات التي تبث عمودياً.

وتزامن مع هذه الأجهزة ظهور مواقع المحتوى مثل اليوتيوب، ومواقع تبادل المحتوى المرئي مثل التورنت، وبدأت بقية التقنيات بالأفول، فندرت محلات إيجار الفيديو، ولم نعد نشاهد الكثير من أجهزة الفيديو، فالعالم تحول ليصبح رقمياً، بدأ من مشغلات الأقراص، وحتى أجهزة التصوير، لتختلف نظرتنا للمحتوى.

بعد ذلك أتت بعض التطبيقات الخاصة بالمشاهدة في أي وقت، فتوجهت بعض القنوات الفضائية لأن يكون لها تطبيق للمشاهدة، مثل تطبيق “شاهد” لقنوات “MBC” فكان عندما لا نستطيع مشاهدة المحتوى في وقته، نجده إما مسجلاً في اليوتيوب، أو موجود في هذه التطبيقات، إلى أن بدأت بالانتشار تطبيقات المشاهدة المدفوعة مثل “نتفليكس”، فلم يعد للزمان أو المكان حدود، فلم تعد مرتبط ببث حلقات مسلسل لمدة ثلاثون يوماً، بل ستجدها متاحة في هذه التطبيقات، وستشاهد ما تريد من حلقات وبشكل متتالي ومتى ما أردت، وكل هذا باشتراك شهري.

هذا التحول الرقمي أثر على صناعات أخرى، فلم يعد التلفاز مثل ذي قبل، فبدأنا نبحث عن أجهزة التلفاز الذكية التي تتيح الارتباط بالإنترنت، وتتيح تشغيل مثل هذه التطبيقات، وأصبحت مشاهدات التلفاز تكون لمثل هذه التطبيقات، مالم يكون في المنزل أشخاص كبار في السن يرغبون بالقنوات التقليدية وقنوات الأخبار على وجه الخصوص.

وأيضاً تغيرت أجهزة استقبال القنوات الفضائية، وإن كانت لم تنتشر، وهذه الأجهزة مرتبطة بالإنترنت، وتستقبل قنوات التلفاز من خلالها، ويختلف الوضع أنها منظمة مثل أجهزة الاستقبال التقليدية، فسهولة الاستخدام فيها كبيرة، فأنت تنتقل بين القنوات تماماً كالأجهزة التقليدية، ولا تحتاج لتسجيل البحث، وإنما تستطيع العودة للمشاهدة متى ما أردت.

ومع هذا التحول أصبحت شركات الاتصالات توجه أعمالها للاستثمار في المحتوى، فقبل اشهر ومع اشتراك الإنترنت المنزلي، حصلت على مثل هذا الجهاز، فكانت المشاهدة خلال فترة الحجر والشهر المبارك متى ما أردت، لا كما تريد القناة الفضائية.

حياتنا تتغير، والعالم الرقمي أصبح جزءً مهماً في تحسينها، فتجربتي الشخصية مع المحتوى استعرضتها لكم في هذه التدوينة، تلاحظون كيف تغيرت حياتنا خلال عشرون سنة بشكل كامل، وهذا من خلال جانب بسيط فقط، وهو مشاهدة التلفاز، ولا نعلم كيف سيكون التغير في صناعة المحتوى في السنوات القادمة.

ومع هذا التغيير تأكد أنه عندما لا تجاري التغيير ستندثر، ولعلكم تشاهدون الكثير من الشركات لم يعد لها وجود بسبب ذلك، حتى نحن البشر إذا لم نتغير ونتطور، فسيأتي اليوم الذي نكون فيه غرباء في مجتمعنا.

سجل أعجابك
Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

  1. طابت حياتك أبا سطام فعلا تغير كبير في المشاهدة و عني شخصيا مع هذا التغير الكبير لم تتغير نظرتي لمشاهدة مباراة لكرة القدم مسجله لاسيما إذا كانت معروفة النتيجه و ربما أستعين بمشاهدة ملخص لكامل المباراة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.