منذ فترة مررت بأحد أفرع مقاهي ستاربكس في الرياض، وعندما هممت بالطلب، كان وقع الحوار مع “البارستا” مختلف هذه المرة، فقبل أن أبدأ بالطلب من جهاز الطلبات الخاص بالسيارة، كانت عبارة الترحيب مختلفة عن ما تعودت عليه في هذه المقاهي، فالعبارات كانت مشتقة من لهجتنا المحلية، وأختتمها بعبارة “آمرني يا بعدي”.
كرر العبارة أكثر من مره، وعندما أكملت الطلب، أنهى الحوار بعبارة “أبشر يا بعدي”، وخلال الحوار معه لم تغادر الابتسامة محياي من بداية الطلب وحتى نهايته، وعند شباك استلام الطلبات طلبت أن أقابل هذا “البارستا” وسط استغراب وذهول من العاملين لتوقعهم أن هناك مشكلة، سألته عن سبب استخدامه لعبارة “يا بعدي” فأجاب أنه أراد أن يجدد فقط وأعتذر إن كانت ضايقتني، فكانت اجابتي له لم تضايقني أبداً.. “استمر فقد صنعت يومي”..
في السعودية عندما يقول لك أحدهم عبارة “يا بعدي” فهذا دليل على مدى الاحترام والود الذي يكنه لك، فالعبارة لها وقع طيب على النفس، وتؤخذ أحياناً بمعنى “يا قلبي”، أو “يا روحي”، وأحياناً من سياق الكلام، فوجودها في أي مكان من الجملة دائما تأتي بمعاني طيبة، ومقربة إلى النفس، وتدل على كمية الاحترام فيها.
وفي المقابل لا تسمع مثل هذه العبارات المحلية في فروع المطاعم والمقاهي العالمية، وإنما يغلب على هذه المطاعم استخدام العبارات العامة المتعارف عليها مثل “أهلاً وسهلاً” و “شرفتونا”، وغيرها من العبارات الودودة، والتي دائماً ما نسمعها، ووقعها على النفس بسيط جداً.
ومؤخراً مع زيادة التوطين في قطاع المطاعم والمقاهي، وأيضاً اتاحة العمل للسيدات فيها، أصبحنا نرى طابعاً محلياً مختلفاً جداً عن ما ألفناه سابقاً، فأصبح تعاملنا مع أبناء الوطن أكثر، ونرى جزء من ثقافتنا انعكست على فروع هذه المقاهي، وأصبح الشاب والفتاة السعوديين يبحثون عن التجديد وعن ما يميزهم في العمل عن غيرهم.
الفنان عبدالمجيد عبدالله افتتح احدى أغانيه بعبارة “يا بعدهم كلهم”، فكان لأغنيته وقع مختلف على النفس، وغيرنا عبارة “قهوة عربية” في مقاهينا إلى “قهوة سعودية”، وإن كان في الأخيرة سبقتنا بعض الدول المجاورة بوضع “قهوة سعودية” لأن لها طعم خاص ومختلف عن بقية أنواع القهوة، فلابد أن يكون المحتوى المحلي في كل شي.
الشباب السعودي مبدع ومتألق متى ما سمحت له الفرصة بذلك، وهو أيضاً “خلاق” ومبتكر، شكراً “بارستا ستاربكس”.
