السماحة مع النفس

(١)

نقسو أحياناً على أنفسنا، بل كثيراً ما نعاتبها بشدة، لا نعطيها مجالاً لمحاولة استعادة التوازن، نلومها ونمعن في اللوم وكأن هذه نهاية الحياة، لا نبالي بأن التعثر لا يعتبر فشلاً، والماضي هو مجرد ذكرى إذا تجاوزناها صنعنا شخصية مليئة بالحكمة وصقلتها التجارب، لتكون قادرة على خوض غمار الحاضر والمستقبل والوصول للهدف المنشود.

(٢)

الإمعان في لوم النفس ليس بذي جدوى، وإنما هو وسيلة لاستمرار التعثر، وأكبر عثرة لا نستطيع أن نتخطاها، ولا نملك إلا أن تجعلنا رهائن للذكريات والتجارب السيئة، أحياناً نبقى مكتوفي الأيدي مقيدين لا نقوى على الاستمرار، نحاول الصمود ليس أمام التحديات المستقبلية، وإنما أمام ذكريات الماضي العبثية، وأمام الخوف من تكرار ذات التجارب، لنتشكل كيفما أرادتنا التجارب السيئة.

(٣)

لا شك أن التجارب السيئة تترك أثر في النفس، وتترك جرح غائر في أحيان كثيرة يكون من الصعب تخطيه، ولا يستطيع أحد أن يعلم بأثر التجربة غير من خاضها، تحمله أمواجها كيفما شاءت، وتقذفه في مكان لا يعرف هل هو قادر على تخطي تحدياته أم لا، فمع قسوة التجربة نضاعفها بأن نقسو على النفس ونعاتبها على التعثر متناسين أن الفرص لا تأتي مره واحدة، بل تتوالى بأشكال مختلفة وفي أيام أخرى.

(٤)

من يمتلك الشجاعة، ومن يستطيع النهوض بعد التعثر هو الوحيد القادر على اقتطاف هذه الفرص، وامتلاك زمام المبادرة، والفوز بتحقيق النجاح، فلا تجعل الماضي هو السور العالي الذي يمنعك من الاستمرار، فلديك القدرة على المغامرة، ولديك الكثير لتقدمه وتصنعه، وبعدها ستعرف أن المشكلة كانت في عقلك فقط، والصورة المشوشة للعالم رسمتها بنفسك، وتستطيع تجاوزها متى استطعت مسحها من الذاكرة، وتكوين صورة جديدة ومختلفة تحمل روحاً إيجابية.

(٥)

لنبتعد عن التركيز على السلبيات، فلن تجد لها نفعاً، مهما كانت مرارة التجربة فبالتأكيد أن هناك إيجابيات مختلفة حتى لو كانت هذه الإيجابيات محدودة، التشديد على النفس والامعان في العيش في رحم السلبية لن يغير من نتائج التجربة شيئاً بل سيزيد من حجم المعاناة، فأبحث عن الإيجابية والدروس الجيدة من رحم السلبية، فستجد أنك أكثر الرابحين.

سجل أعجابك
Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.