سلفي مع الإمام.. سلفي مع الملك


ترجل من سيارته الفارهة أمام باب المسجد، أخرج هاتفة الذكي ووقف عند باب المسجد ليصور اللوحة الموجود فيها اسم المسجد، نشرها في برامج مشاركة الصور، دلف للمسجد وقبل أن يصل للصف ليبدأ الصلاة التي فاتت منها الركعة الأولى قام بتصوير الصفوف ونشر الصورة في الشبكات الاجتماعية وقال “يوه فاتتني الصلاة”، أنهى الإمام صلاته وهو ما يزال يشارك صور المسجد في الشبكات الاجتماعية.

إنتهت الصلاة وصاحبنا يوزع صوره هنا وهناك، ولم يبقى إلا أن يلتقط صورة “سيلفي” مع الإمام أو المؤذن ليثبت للعالم أجمع أنه يصلي، ولك مهلاً الصلاة فاتتك، فلماذا حضرت للمسجد، الحضور كان الهدف من تسجيل حالة، وإبلاغ العالم أنه يصلي وقلبه ممتلى بالإيمان، ولهؤلاء أذكرهم بالدعاء “اللهم إني أعوذ بك من الشرك الذي أعلم، وأستغفرك وأتوب إليك من الشرك الذي لا أعلم”، والرياء نوعاً من الشرك بالله.

صور السلفي باتت الهاجس الأول للأغلب، فمن خلال ما أشاهده في أغلب شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بمشاركة الصورة، أصبحت صور السلفي مصدر للتباهي، حتى أن أحفاد الملك باتوا يتباهون بصور السلفي مع الملك، ويابخت من كان الملك جده، فلماذا هذا الهاجس أصبح لدى الجميع؟.

الإجابة على السؤال الماضي صعبة جداً، فالشبكات الاجتماعية والتي استقطعت جزء من وقتنا حتى أصبح الجميع يبحث عن أجزاء من خصوصيتهم لينشرونها على الإنترنت، فهم في سباق مع التباهي في أمور قد لا تكون ذات قيمة، أمور لا تضيف بعداً جديداً للشخص المقابل، ولا تقدم إلا اختراق للخصوصية برغبتنا وبدون أن نهتم لخصوصيتنا، وأيضاً لرغبتنا في التجديد فقد ملل متابعين هؤلاء من صور الأطفال وموائد الطعام.

السؤال الأهم أي الخشوع والاستحضار الديني للصلاة، وبال المصلي مشغول بمن علق على الصور، أم بمن سجل عليها علامة الإعجاب، لهؤلاء أقول تذكر أن أول ما نسأل عنه يوم القيامة هي الصلاة، فحاول قدر الإمكان أن تستحضر الخشوع، وأن تنسى كل ما في الدنيا بمجرد دخول المسجد، فلا شيء أفضل من الفوز برحمة الله.

همسة
رمضان أوشك على الرحيل فهل لنا فيما تبقى من شهرنا هذا من عمل صالح أو دعوة أو صلاة أو نسك، فالفرص لا تأتي كثيراً ولا نعلم هل نعيش إلى السنة القادمة أم توافينا المنية.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.