“ذهب الحياء من بنت جيلي فلا عادت ولا عاد الحياء”


ليعذرني الشاعر على استعارة وتغيير بيته الشهير لحمار أم عمر، فلم أجد أبلغ من وصفه للاستعارة، ولو وجدت لم أكن لأتورع عن الإتيان به، ولكن حال فتيات جيلي هو ما دفعني إلى ذلك، فلم أعد قادراً على فهم تصرفاتهن، أم أن الحواجز التي زالت بيننا بعد فورة الشبكات الاجتماعية هي التي أظهرت فكر بنات جيلي على حقيقته وبشكل أكبر أمام الملا.

سابقاً كانت الفتاة لا تستطيع أن تجيب بالموافقة على الزواج إلا بالإيماء بالرأس حياءً، ولا أحد يستطيع أن يستنطقها بأن تقول الموافقة صريحة، فجرعة الحياء الموجودة عندها لو وزعت على من في الأرض لكفتهم، والآن تبشر الفتاة الناس جميعاً بأنها عقدت قرانها، لا بل تتحدث عن زوج المستقبل بكل صراحة أمام الملا، وتدعوا له، والحقيقة أن هذه التصرفات لم أشاهدها إلا على حسابات البنات على مواقع الشبكات الاجتماعية، فهل الحديث عن بعد هو ما منحهن هذه الأريحية في الكلام.

الشبكات الاجتماعية فتحت الباب على مصراعيه للجميع، فأصبح الحوار بين الجنسين على الملا لا أحد يستنكره، حتى أن بعض الأمور التي أنتقدها المجتمع وليس مجتمعنا المحافظ بل حتى المجتمعات المنفتحة، في أول مواسم ستار أكاديمي وأجبر إنتقادهم القناة المالكة لحقوق البث على توريتها في بقية المواسم، أصبحت يصرح بها الإنترنت بدون أن يتحسس من ذكرها الجميع، وإلم يكن الحديث بشكل مباشرة فهو بالتلميح، وهذا التلميح يكثر في رمضان.

ولا نستطيع أن نعمم، ولكن غياب الحياء عن بنات جيلي ليس فقط على الإنترنت، بل حتى واقعياً، ترى الفتيات سواءً المتزوجات أو غيرهن لا يتورعن عن الحديث بالصوت العالي والضحكات المجلجلة في المطاعم والأسواق، غير مباليات بأن الصوت يسمع، والقهقهة تثير الفوضى، ولا نتحدث هنا عن عورة صوت، وإنما عن عورة فكر، وفتنة تغنج، وإلا ما المانع من الضحك بصوت خافت يسمع صاحبتها الجالسة فقط، أم أن حلاوة الضحكات أصبحت مرهونة بمن تسمع من هو أبعد، ليستشعر الناس مدى سعادتها.

عدم الإكتراث بالذوق العام، الذي كان سمة وعنوان لبعض الشباب من جيلي، أصبح علامة مسجلة لها حقوق التداول عن بعضاً من بنات جيلي، فهي لا تبالي بمقارعة الرجال، ولا تبالي بلين القول، ولا تبالي بإظهار الفتنة حتى أن بعضهن تخلع الحجاب أمام بائع المطعم، وعندما تأكل في مكان عام، غير مبالية بمن يطلع على ما تستره في باقي الأوقات.

بعض بنات جيلي ومن يليه من أجيال عندما تسمع قوة صوتها وسوء لفظها، تشعر برغبة عارمة لأن تقول لإحداهن “تعال أبو الشباب”، فبالرغم من نعومة حياتنا هذه الأيام إلا أنها زادت الفتيات خشونة، واختفى الحياء كما أختفت الأنوثة، ولم يبقى إلا تغيير الأسماء وخلع العباءة فهذا ما يفرق بعض بنات جيلي والذي يليه عن شبابه.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.