الخبير والغفير..

يحكى – وعبارة يحكى ربما لا تكون صادقة – أن رجلاً وجد وظيفة مراسل في إحدى الجهات، فوجد أن أغلب الموظفين هناك يكتبون أمام أسمائهم تعريفات معينة، فهذا يضع حرف (د)، وهذا يضع حرف (أ)، وهذا يضع حرفي (أ. د.)، وهذا يضع كلمة (بروفيسور)، فقرر أنه لابد أن يقدم نفسه كمثل الآخرين، فوضع أمام أسمه (د. غ.)، أستغرب الجميع من هذا الترميز، وشعر بعضهم بأنهم ما يزالون جاهلون فسألوه ما هذه الدرجة التي تحملها، هنا ضحك الرجل بملء فاه وقال معناها “دلال غنم”.

لا يوجد ضابط يحكم كيف أقدم نفسي للناس، فلو اكتب أمام اسمي “العظيم” من يستطيع منعي، ولو قدمت نفسي على أنني “خبير” في مجال معين، فلن يستطيع احد الوقوف في وجه كلاماتي، فلي كامل الحق في الترويج لنفسي ولعلمي، وجميل أن نكون صادقين في هذا التقديم لأنفسنا.

من وجهة نظري أرى أن مسمى الخبير يعطيك انطباع أولي بان صاحب الخبرة تجاوز عمره الخمسين، فالخبرة هي نتاج السنين الطويلة، مثلها مثل العميد، لذا ومن خلال عملي عندما يكتب احدهم عبارة “الخبير في مجال” وارى أن عمره لم يصل لعمر الخمسين، أغيرها فوراً إلى المختص، وهذه الأخيرة لا تخلو من تندر بعض أصحاب العقول الفارغة الذين يحسدون الناس على ما أعطاهم الله.

سبب الحديث السابق ما حدث في الإنترنت خلال هذا الشهر المبارك من محاولات للنيل من شخص يضع أمام اسمه حرف الدال، حتى قام أحدهم كما يزعم بمراسلة الجامعة الذي تخرج منها الرجل ليسأل هل هو خريج منها أما لا؟، عوضاً عن تفنيد رؤية حامل الدكتوراه التقنية والرد عليها، هذا التصرف يثبت لي مع مرور الأيام ونحن نستخدم الإنترنت أننا نتعدى بكل الطرق الممكنة على الغير بدون أن نراعي أي نوع من القوانين، وكأننا ما زلنا نعيش في العصور الحجرية وعصور الغاب، أي ببسيط العبارة “آخذ حقي بيدي”..

إذا كان صاحب الدكتوراه أساء التصرف أو أضر بأحد، فهناك قانون يحكم البلد من الممكن أن نركن إليه ونقدم إدعائنا له، وسينصفنا إن كان لنا حق، وهناك نظام لمكافحة جرائم المعلوماتية يجرم كل إساءة لاستخدام التقنية، أما أن نراسل الجامعة كأشخاص، ومن ثم نشهر بالرجل فهذا شيء يرفضه الدين، وحتى لو حاول الأستاذ أحمد الشقيري إصلاح المجتمع ليكون في صف الدول المتقدمة لن يستطيع ذلك في ظل مجتمع يتصرف كالغاب.

تحدثت مع أحد المختصين في القانون والجرائم المعلوماتية بهذه القصة، وقال لي لا يوجد جامعة ترد على شخص غير معرف ببيانات طلابها، ولن يستطيع أحد تحريك دعوى قضائية ضد المشهِر إلا المُشهر به، إذا كانت شهاداته حقيقية وغير مزورة، لذا أدعو المُشهر به لرفع دعوى قضائية على المشهِر، فلا أعتقد أن التحدث من منظور القوة وفرد العضلات هو ما نطمح أن نحققه في مجتمعنا المعلوماتي..

بالنسبة لي أرفض التزوير والتدليس، وأرفض أيضاً التشهير والكذب والتظليل، وأسأل الله أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً، بعيداً عن كل مهاترات الإنترنت التي لا تسمن ولا تغني من جوع..

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

4 تعليقات

  1. أ-م-د-اد

    في ناس من حملة هذه الحروف افضل مافيهم الحرف الاول قبل اسمهم

    بالعربي الفصيح في ناااااس ماتستاهل هذه الحرو ف

    المفروض يوجد هناك قسم للبوليس المعلوماتي

    بس على شرط مايرتبط بنظام سااااااااااااااااهر

    هههههههههه

  2. في البداية أشكرك أخي – الإعلامي – محمد على مشاركتنا رأيك في هذا الموضوع .ز

    أحببت فقط إيضاح بعض النقاط ،،

    أولا بالنسبة للألقاب ، فهي تختلف بناءاً على اللقب نفسه ، حيث يمكنك أن تطلق لقب ” العظيم محمد ” لأنك ترى في نفسك العظمة وأنك بالفعل تستحق ذلك ، و قد تطلب لقب ” الرهيب محمد ” لأنك ترى أو أحدهم يرى فيك ذلك ، و لذلك هذا اللقب الذي طرحته من الألقاب التي من الممكن إطلاقها جزافاً دون النظر إلى أي إعتبارات.
    لكن .. بعض الألقاب لا يمكن إطلاقها بكل حرية ، و إنما تعود إلى أمور أكتسبها الإنسان حتى تم إطلاق هذا اللقب عليه ، وعلى سبيل المثل ماذكرته أنت بنفسك في سيرتك بأنك ” إعلامي ” و أنت بنفسك إكتسبت هذا اللقب عبر دخولك مجال الإعلام منذ سنوات ، ولذلك أصبح من الممكن إطلاقه على شخصك الكريم وبسهولة ، و دون الخوف من أي أمور لكونك تعمل أصلا في هذا المجال ، كذلك لقب ” مدوّن ” الذي تطلقة على نفسك هو الآخر ، و الذي إكتسبتة عبر دخولك مجال التدوين.

    لذلك ، نرى بأن لقبي ” عظيم ” و ” رهيب ” قد أطلقت عليك جزافاً حتى لو كنت على سبيل المثال لا أرى فيك أي عظمة ولا ” رهابة ” ، لكن لقبي ” إعلامي ” و لقب ” مدون ” فقد أطلقت عليك عبر دخولك لمجالي الإعلام و التدوين ، مما يعنى أن هنالك ألقاب تطلق جزافاً وأخرى ” تكتسب ” إكتساباً ، وبالنظر لهذا الأمر نرى أن ألقاباً مثل ” الملك ، الدكتور ، البروفيسور ، الشيخ ، الأمير ، الوزير ” كلها ألقاب يكتسبها الشخص بطريقة معينة كأن يكون ملكاً مثلاً أو أميراً أو وزيراً أو حتى حاصل على شهادة الدكتوراة في تخصص ما.

    أما الأمر الآخر ، بالنسبة للسؤال عن الشهادة ، فلعلك تخبر صديقك ” الخبير في الجرائم الإلكترونية ” بأن أي جامعة كانت ” حتى جامعة الملك سعود ” بإمكانك مراسلتها ، أو الطلب منها ، لمعرفة حقيقة تخرج أحد طلابها ، و كذلك يمكنك الحصول على معلومات أكثر تعتمد على نظام الجامعة نفسها.

    حتى أن بعض الجامعات تقوم بعرض أسماء الخريجين بشكل علني في مواقعها ، مثل ما أخذ موقع
    فيسبوك فكرة كتاب The FaceBook والذي تنشرة الجامعات كل عام عن خريجيها .

    ولا حاجة لتأكد الجامعة عن معلوماتك قبيل نشر هذه المعلومات لك ، لأنها في الأساس يفترض تواجدها بشكل علني في موقع الجامعة ، ولا يوجد في هذا الأمر أي فرد لعضلات أو غيره ، وإنما تأكيد لبعض المعلومات المنشورة أصلا في موقع الشخص .

    لا أعلم حقيقة ما الذي أثارك في هذا الموضوع ، خصوصاً في ظل “تبجحه” بشكل علني في كل مكان و معاونة زملائك له في ذلك حتى بدا وكأنه الشخص الأفهم والأعرف ، ومافعلوه أهل تويتر كان بشكل واضح تفنيداً لآراءة التقنية بداية ، ومن ثم تأكيد عدم إختصاصة أصلا في هذا المجال.

    شكراًً لك مرة أخرى ، و أتمنى أن لا يكون تعليقاً مزعجاً .

    عبدالله أباحسين

  3. عزيزي عبدالله:
    لا يزعجني تعليقك فأنا أعرف حسن نواياك..
    1. أن تعلن الجامعة بيانات طلابها فهذا شأنها، أما أن ترد على شخص غير معرف أي ليسَ جهة رسمية فهذا يدل على أن الجامعة مشكوك في أمرها..
    2. إذا كانت الشهادات مزورة فهذا الأمر حسب وجهة قانونية لا يجرم من شهر بصاحبها..
    3. إذا كانت الشهادات حقيقية فهذا الأمر قد أوقع من راسل الجامعة في حرج كبير، لأن الأمر يعود لصاحبها إن شاء غفر للمشهر وإن شاء قاضاه..
    4. تكلمت في هذه التدوينة من وجهة نظر محايدة كما أراها، لستُ مع المزور ولا مع المشهر، ويبدوا أن مجتمع الإنترنت لا يحبذ الرأي الآخر مهما كان..

    سعدت بتواجدك هنا..
    محمد المخلفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.