المحزم المليان

لو عاد بنا الزمن قليلاً لما اعتدنا عليه، لأن التغيرات التقنية حولتنا لجيل اتكالي يعتمد على التقنية في كل شيء، فأصبح نسيان المحفظة وبطاقات الصراف أهون من نسيان الهاتف النقال، فحياتنا تعمق في تفاصيلها الهاتف الذكي حتى أصبح يغني عن كل شيء، ليكون هو البديل الجاهز دائماً والذي لا غنى لنا عنه.

ربما لم نعد نحتاج أن نحمل معنى سوى شيئان، الهاتف الذكي ومفاتيح المنزل والسيارة، وهذه الأخيرة وخصوصاً مفاتيح المنزل أصبحت تغني عنها الأقفال الذكية، والتي تعمل ببصمة اليد أو بالرقم السري، أو من خلال تطبيق في الهاتف الذكي، ومن تجربة فعلية فالأقفال الذكية وسيلة مثالية للتحرر من أسر المفاتيح.

ليس هذا فقط بل يغنيك الهاتف الذكي عن مقابس الكهرباء، فمن خلال “سيري” أو “الكسا” تستطيع ربط المنزل كاملاً بالأوامر الصوتية، بل تخاطب الآلات باللغة التي تتقنها أنت، مثلاً أن تسمي مقبس الكهرباء الخاص بمكينة القهوة باسمها، وتخاطب الكسا بقولك “شغلي مكينة القهوة”، لتفهمك مكينة القهوة وتعمل لوحدها، والكثير الكثير من التحول التقني حولنا، الذ جعل حياتنا أسهل.

سابقاً كان أجدادنا يطلقون على الشخص الذي تجده وقت الشدائد بمسمى “المحزم المليان”، فهو من يعينك على نوائب الدهر، وتجده يساندك ويدعمك، وإذا أردت أمراً فدائماً لديه الحلول، وأستطيع في هذا الزمن أن أطلق على الهاتف الذكي عبارة “المحزم المليان”، فأنت لا تحتاج غيره ليكون معك، فمن خلاله تجد هويتك الوطنية الرقمية، وكل أوراقك الثبوتية، وهو محفظتك الرقمية، فبطاقات الصراف الرقمية في أحشائه، وهو دليلك إلى أي مكان فقط أبلغه بوجهتك وسينطلق بك إلى المكان الذي تريد.

ولكن هذا المحزم المليان إذا لم تغذيه بالكهرباء فسيقضي نحبه، ويصبح مجرد قطعة معدنية لا نفع لها، فلا يوجد شيء كامل، ونقطة ضعف الهاتف الذكي هي الكهرباء، إذا بدل محفظتك ومفاتيحك بمخزن للطاقة يسندك عند عثرة المحزم المليان.

سجل أعجابك
Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.