هواوي.. وقوة الابتكار

ما يميز الصينيون أنهم شعب يجيد التقنية العكسية، أي أنه عند ظهور أي منتج في دولة ما، فإنهم يفهمون أولاً كيف يعمل هذا المنتج، ومن ثم يفككونه ويعرفون مكوناته وطريقة عمله، ومن ثم يعيدون صناعة الابتكار، من خلال إيجاد منتج حديث يؤدي ذات المهام للمنتج الأصلي، وهذا يعد خطورة كبيرة، لأنهم ينم على قوة فكرية هائلة تمكنهم من الاستحواذ على مفاصل التقنية إن أتيحت لهم الفرصة.

التقنية هي العصب الرئيسي والمحرك الأساسي للعالم اليوم، فالذي يمسك بزمام الآمور التقنية، يستطيع أن يتحكم في العالم، ومن هنا اعتبرت إدارة الرئيس الأمريكي أن شركة هواوي الصينية مصدر خط على أمنها القوي، لأنها تمتلك أكثر من صناعة في المجال التقني وبالتالي تستطيع التحكم بالعالم من خلال معرفة أدق التفاصيل.

فلو تأملنا ما تقدمه شركة هواوي ستجد أنها تبدأ من البنية التحتية التقنية من شبكات اتصالات كاملة، وأجهزة تخزين، وبعدها أجهزة أمان، وهي الشركة الوحيدة التي تستطيع أن تبني بمنتجاتها شبكة اتصالات كاملة، ويأتي بعد ذلك الشبكة السحابية، إذ تستطيع هواوي استضافة مراكز البيانات بالكامل، وتقدم بعد ذلك أجهزة الكمبيوتر بمختلف فئاتها، وهنا نستطيع القول إنه عند رغبة أي جهة في بناء قطاعها التقني بالكامل تستطيع التعامل مع هواوي وحدها فمنتجاتها تغطي ذلك من الأجهزة الطرفية لدى المستخدم النهائي إلى الخوادم، وهذه قوة تنافسية كبيرة للشركة.

أيضاً إذا ذهبنا على مستوى الأفراد فنجد أن هواوي قادرة على تقديم جميع المنتجات لهم، من الشبكة اللاسلكية وأجهزة النطاق العريض، إلى الشبكة المنزلية، إلى الهاتف النقال، والجهاز اللوحي، والحاسوب، وانتهاء بالمنزل الذكي وإنترنت الأشياء من ساعات وغيرها، وهذا يعني أن هواوي تستطيع توفير خدماتها للمستخدم النهائي بجودة عالية، وأيضاً بأسعار منافسة في متناول اليد إذا ما قورت بمنتجات أخرى، إذ أن سعر الهاتف الذكي من هواوي بنصف سعر هاتف أبل.

كل هذا التنوع في المنتجات يتيح ميزة لن تجدها شركة أخرى، وهي ميزة إدارة البيانات، من المستخدم البسيط في المنزل، إلى الشركات الاحترافية، والثورة القادمة هي ثورة بيانات، فلا تستطيع أي شركة من التطور بدون أن يكون لديها قدرات تحليلية للبيانات، فهنا تستطيع هواوي إن أرادت معرفة كل شاردة وواردة من خلال البيانات التي تنتقل بين شبكاتها.

ما الذي ينقص هواوي لتحكم الدائرة التقنية، ينقصها فقط نظام التشغيل، فهي تعتمد في هواتفها الذكية على أندرويد من غوغل، فلو أنتجت الشركة نظام تشغيلها الخاص فستستطيع اكمال إمبراطورتيها التقنية الخاصة، ولن يستطيع أحد قهرها، لأنها ستجمع بين الكفاءة والجودة والسعر المناسب.

بعد كل هذه نستطيع تفهم لماذا أدرجت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب شركة هواوي ضمن الشركات التي تهدد الأمن القومي، لأنها وببساطة تستطيع معرفة ما لا تعرفه الدول من خلال انتشار منتجاتها، سواءً على مستوى شبكات الاتصالات، أو على مستوى الأفراد.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.
Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.