“سرطان” الشهرة.. وجسد الانتحال

“طيبتي الزائدة” كثيرون يقول أن هذه الجملة هي عيب رئيسي فيهم، وفعلاً هم طيبون لدرجة السذاجة حتى أنهم دائماً ما يستغلون بأبسط الطرق، وليس أدل من موضوع “سارة ابراهيم” والتي اشتهرت في تويتر بمحاربتها للسرطان إلى أن أكتشف أن الحساب وهمي على ذلك، فهذا الحساب كسب تعاطف جميع أطياف المجتمع السعودي من باب الطيبة الزائدة.

ولو نظرنا إلى الموضوع من جهة أخرى، نجد أن السبب الرئيسي يكمن في مشاهير العالم الواقعي الذين انجرفوا بسرعة خلف هذا الحساب من باب “الهياط”، والاستعراض أمام العامة بأن لهم مشاعر وأنهم قادرون على ايصال من يقف خلف الحساب ليكسب تعاطف جميع الناس، وهو بذلك ساهموا في التغرير بمجتمع كامل وثق فيهم وتبع مقولتهم.

لا أريد الحديث عن الحساب بذاته فقد خففت كثيراً من تواجدي على “تويتر” من بعد ما أصبح مشاعاً أمام بعض من يستغفلون العقول، ولا أريد أن اتحدث عن الجريمة بذاتها، وإنما أريد أن أتحدث عن الحماية لم يستخدم الإنترنت أو شبكات التواصل الاجتماعي من المسؤول عن توفيرها؟.

هذا الأمر في غاية الأهمية، فلو اعتدى عليك أحد في أي مكان عام ستلجأ إلى الجهات الأمنية في البلد، أما لو أعتدى عليك أحدهم في الإنترنت فمن ستلجأ إليه، وفي مثل حالتنا هذه من المتعدي الذي نريد أن نطبق القانون عليه، هل هو “صاحب الحساب” أو “مكتشفي التلاعب” أو غير ذلك.

سأتحدث أولاً عن “مكتشفي التلاعب” فبالرغم من بحثهم عن الحقيقة وتقصيهم عنها إلا أنني أتساءل من أعطاهم الحق في عمل ذلك، ولماذا صدقهم “المجتمع” بسهولة، فبنفس الطريقة التي صدق فيها المجتمع أن هذا الحساب لمصابة بالسرطان فعلاً، صدق المجتمع أن هذا الحساب لمنتحل شخصية ومزور بناءً على حديث حسابات أخرى، وهذا الأمر يدل على سذاجة المجتمع الذي صدق قبل هذا المتسولون عند المساجد وفي الشوارع وعند إشارات المرور بدون حتى التيقن من صدقهم.

وأيضاً هل توجه مكتشفو التلاعب ببلاغ رسمي لدى الجهات الأمنية لإيقاف هذا الحساب، حقيقة لا أعرف، ما أعرفه أنهم نشروا هذا الأمر في تويتر ليقوم صاحب الحساب بإغلاقه والرحيل بدون أن يجد رادع له، ليحقق من اكتشف عملية الانتحال نصراً شخصياً له وشهرة اجتماعية بدون أن يعاقب الجاني.

رحل صاحب الحساب المنتحل بدون عقاب، وتوقف التعاطف مع مرض السرطان من قبل رجال وأرباب فكر ومشاهير مجتمع، وكأن أبنائنا الذين يعانون من هذا المرض ليس لهم نصيب من التعاطف، فما الذي يمنع هؤلاء المشاهير من التوجه للجمعيات التي تحارب المرض وتساعد المرضى ومساعدتهم والتبرع لهم تكفيراً لتغريرهم بمجتمع كامل تعاطف مع حساب مزيف.

وإجابة على السؤال الذي طرحته عن الجهة التي نلجأ إليها في مثل هذه الحالات، فبلا شك على من استغل ودفع مبالغ مالية لصاحب الحساب التوجه إلى أقرب مركز للشرطة، والتبليغ عن الحاثة والطريقة التي ارسل فيها المال، فقانون الجرائم الإلكترونية يحمي من يستخدم الإنترنت من الاستغلال، ولكن لا ننسى أن القانون لا يحمي المغفلين.

وأخيراً ألم يحن بعد دور هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أم أنها ما تزال تغط في سبات عميق، أتمنى من القائمين على الهيئة أن يبادروا في البحث والتقصي عن صاحب الحساب، وإرشاد الجهات الأمنية له، حتى لا تكون هذه الطريقة هي الأسلوب القادم والرابح في عالم الاحتيالات.

مواضيع ذات صلة
نحن معكم يا مرضى السرطان..

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.