تقليد المشايخ “يداك أوكتا وفوك نفخ”..

أنت لا تستطيع منع الناس من التندر بشخصية معينة أو السخرية منها، ولا تستطيع أن تفرض ضوابط تجرم من يقوم بذلك، ولكن لماذا نضع انفسنا عرضة للتندر من الآخرين، أو نضع أنفسنا في مصدر للشبهات، هذا هو السؤال الذي من الأفضل أن يطرح قبل أن نفكر في الذهاب إلى حلول قانونية.

نختلف أو نتفق مع مشايخنا الأفاضل، نحب بعضهم لأنهم متدينون ويعضون بالحسنى، أو لا نحب الآخر لأنه ينتقد كل شيء ويحرم كل شيء، ويستعمل الإكراه في الموعظة، ولكن في قرارة نفسي أجزم أن مشايخنا الأفاضل هم من ينزلون بأنفسهم إلى مواقع سيئة، فهل سمعتم عن أحد قلد فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، أو أبن عثيمين رحمه الله أو أبن جبرين رحمه الله، أو المغامسي حفظه الله، لم أشاهد أحد إلا أشخاص يقلدون صوتهم في التلاوة، ولم أرى من يقلد تصرفاتهم أو يستهجنهم، والسبب لأنهم أبعدوا أنفسهم عن مواطن الشبهات أو اللغط في الحديث.

وعلى العكس من ذلك نجد من بعض مشايخنا الأفاضل من يترقب الدخول في الشبهات، فتجده يحرم قناة تلفزيونية وهو يظهر في قناة تلفزيونية أخرى، بالرغم من أن القناة التي لم يحرمها يظهر فيها من المنكرات والاستهزاء بالدين ما الله به عليم، هنا هو وضع نفسه في موطن شبهه، فالتحريم لابد أن يكون على جميع القنوات التي تعرض الأغاني والماجنات، وليس على تقليد المشايخ، هنا يفتح الشيخ مجال لنزغات الشيطان عند البشر، فلسنا معصومون من الخطأ ولا نتوقع أن سبب التحريم هو المنكرات، وإنما حاجة في نفس يعقوب.

إذا كان شيوخنا الأفاضل يرغبون في تحريم قناة معينة، فأتمنى منهم أن يهجروا الظهور في القنوات الفضائية بشكل عام حتى لا يقع تحريمهم في النفس، واليوتيوب مجال أرحب من القنوات الفضائية وبدون منكرات في القناة التي سيبث منها الشيخ، هذا إذا لم يكن تفكير مشايخنا مادي.

الأمر الآخر يتنطط بعض من العارفين بالعلم الشرعي أمام العامة في شبكات التواصل الاجتماعي ولا يضعون نصب أعينهم عبارة “آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه”، وهم بذلك لا يتوقعون أنه ربما يأتي من ينتقص منهم ويزدريهم، فأبوا حنيفة رضي الله عنه أنتظر حتى تكلم الرجل ليعرف مقدار علمه، وقبلها كان يحاول أن يحسن في القول حتى لا يقع في الخطأ، أما مشايخنا فيدخلون في كل شاردة وواردة، ولا يفرقون بين تخصص وآخر، بينما لو تكلم أحدهم في أمور الدين لنعت بالجهل، فلماذا أيها الأفاضل لا تتركوا كل فن لأهل، وكل علم لمختصيه، عندها فقط نستطيع أن نقول أننا وصلنا للكمال.

وعندما يأتي من يقلد المشايخ في القنوات الفضائية تشن عليه حرباً ضروس، وكأنه خرج من الملة، بالرغم من أن التقليد كان على التصرف وليس على العلم الشرعي، وشتان بينهما، إلا أن التقليد أتى عندما لم يحترم مشايخنا العلم الشرعي الذي يحملون، وأوقعوا أنفسهم في فخ الشبهات، ومستوى العامة.

رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أتى بالدين بالتدرج، أما مشايخنا الأفاضل يريدون فرض الدين بالقوة، وجيل اليوم لن تجدي معه هذه الأساليب، جيل اليوم يريد الحوار والنقاش، يريد أن تسمع منه قبل أن تسمعه، ومتى ما عرف طريق الحق سيستمر بدون أن يرتد.

مشايخنا الأفاضل قليل من العقلانية حتى تستطيع التعايش معكم..

2 قراء تعجبهم التدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.