مواقف لن أنساها..

تدوينة كتبتها في رمضان 1429 والآن أتركها لترى النور

بقي على أذان المغرب خمسة دقائق، سفرة الطعام ممتدة بما لذ وطاب، أمسكت بتمرة وبدأت بالدعاء..
صوت هاتفي النقال يزعجني، لم أحاول أن أتعرف على الرقم، رميته جانباً، وبدأت أركز النظر بالطعام وأدعو الله أن يتم الصيام..
الإزعاج انتقل من الهاتف النقال إلى هاتف المنزل ترددت في الإجابة كثيراً، إذا كانت هناك مصيبة فلماذا لا ينتظرون إلى ما بعد الإفطار؟، على الهاتف صوت صراخ وعويل، بدأت أتقبل أن هناك مصيبة على الأبواب، نبض قلبي بدأ يشتد أقوى من أي ساعة “خراشية”، إني أراه من شدة الاضطراب والخوف بين أقدامي، ماذا دهاك؟ سألت المتصل وليته لم يجيب..

بدأت الثواني تمشي ببط ممل، الثانية كساعة أو ربما يوم، أجاب المتصل بصوت متهدج لم يأتي من العمل إلى الآن وهو في العادة يأتي في الساعة الثالثة والنصف عصراً، أجبته والعبرة تخنقني انتظر سأرى ماذا أفعل؟!..

أعدت التمرة إلى مكانها.. أخذت هاتفي النقال وتوجهت للسيارة، أدرتها وعندما تحركت صوت مؤذن الحي ينطلق في الأفق معلناً بداية المساء ونهاية الصيام، واصلت السير فأنا أسكن في شرق الرياض وهو يعمل في غربها، لم أتوقع أن تكون المسافة بهذا الطول، بدأت من طريق “خريص” أتلفت نحو اليمين تارة.. وإلى اليسار تارة أخرى.. علني أجد ما يرشدني إلى أي معلومة ولو بسيطة..

كرهت كثيراً الرسالة الصوتية التي تقول “إن الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن” فمنذ خروجي من المنزل وأنا أتصل بهاتفه النقال وأسمع هذه الرسالة..

وصلت الآن ميدان القاهرة حمدت الله أن طريق “خريص” لا توجد به أي حوادث، بدأت السير مع طريق “الملك فهد” وعيني ترقب طرق الخدمة والرصيف، هل أجد هناك أي إشارة ولو بسيطة؟!..

وصلت إلى مقر عمله في غرب الرياض أوقفت السيارة وذهبت لقسم الطوارئ، وقصصت عليهم القصص، وكانت إجابتهم باهته كظلمة الأفق أمامي “جميع المكاتب مغلقة ولا يوجد بها أحد!”..

قلبي شارف على التوقف ما العمل الآن، قررت أن أذهب لأقرب مشفى وأبدأ السؤال من هناك، وأنا في الطريق إلى “مستشفى الشميسي” بدون شعور أمسكت هاتفي النقال واتصلت به ربما لن أسمع تيك الرسالة المزعجة، وهذه المرة لم أسمعها بل سمعت صوت جرس الهاتف، تشنجت قليلاً، لم أعد قادراً على الاستمرار في قيادة السيارة، توقفت جانباً عندما سمعت صوته..

لم تعد قواي تحملني، أصبحت مهيئاً لسماع أي خبر سيئ، سألته: أين أنت؟..

أجاب: سأكلمك لاحقاً..
أنا: أخبرني الآن!..
هو: راحت علي نومه والفلبيني ما صحاني..

تنفست الصعداء.. عدت إلى عمله، موظفي الطوارئ في استقبالي وهم يقولون وجدناه!..

في طريق العودة إلى المنزل لم أخاطبه بكلمة واحدة، وعندما أوقفت سيارتي سمعت صوت المؤذن ينادي لصلاة العشاء، لولا الإثم لأكملت الصيام إلى الفجر، فلم تعد هناك قابلية للطعام..

5 قراء تعجبهم التدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

5 تعليقات

  1. هههههههههههه ,,

    نشفت دمي على الصبح ,,

    الحمدلله ما أصاب احد اي مكرووهـ ,,

    سردك فظيع ،، وصفت حالتك بكل وضوح واعتقد كل من سيقرأ سيتخيل نفسه بهالموقف الصعب ,,

    لا أراكم الله مكروهاً ,,

  2. يالله تصدق انا لو صاير لي هذا الموقف تدري وش بسوي اباخذ بوكه وجواله وبقوله ارجع مشي للبيت
    من أول سطر وانا منخرش احتري الكارثه وش راح تكون

    يالله تعيش وتاكل غيرها
    تحياتي لك
    ريان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.