إنتهت اللعبة سيد معمر

في تدوينة كتبتها في الأول من مارس من هذا العام توقعت فيها أن يصفى العقيد على تراب ليبيا، وكما توقعت كانت نهاية العقيد على قدر ألم الشعب الليبي، هناك في كل منزل في ليبيا أم ثكلى، وأرملة تندب حظها العاثر، وطفل يبكي أباه، جميعهم أبادهم العقيد بتعنته وطغيانه وجبراوته، فهل تريدون من شعب مكلوم أن لا يروي حرقته من دم العقيد.

وفاز بها الأحرار أيها العقيد، أعلنوها للجميع ليبيا بلا مؤسسات.. بلا هوية.. بلا حقوق، ولكن يحمل شعبها الكثير من الأمل لصناعة دولة حديثة يفتخر بها سكانها، والكثير من الندم أن تركوا أرعن مثل العقيد يحكمهم طوال هذه السنين، والكثير من الدماء التي ما زالت تنزف من زمن عمر المختار، إلى زمن الربيع العربي.

وسقط الطاغية الثالث، بسيناريو مختلف عن سابقيه وكأن التاريخ لا يريد أن يعيد نفسه مع الطغاة، فالأول لاجئ والثاني سجين والثالث قتيل، وبقى الرابع يحاول الفكاك، ولكن عدل الله قريب، ويده فوق كل شيء، فهل نرى نهاية بشار، أم نهاية صالح، وكيف ستكون النهاية؟، لا شك أن نهاية كل طاغية من جنس عمله.

هرب العقيد من مصير يشابه مصير زين العابدين، أو سجن يماثل ما واجهه مبارك، ولاقى مصيراً مختلفاً جداً، أراده لنفسه، وكأن الحجاب قد رفع عنه منذ بداية الثورة، ليعرف مصيره المحتوم مبكراً، فشبه شعبه بالجرذان، لتكون نهايته بأن يسحب من أنبوب للصرف الصحي مثل تشبيهه تماماً، ولاقى مصير الجرذ تماماً، الركل والضرب في الرأس، ليموت سريعاً ولا يؤذي غيره، ومع كل ركلة يجد الجواب الذي بحث عنه طوال الثمانية أشهر الماضي عندما سأل “من أنتم؟”، هم ثوار ليبيا الأحرار، الذين أختزلت ثورتهم في شخصك طوال اثنين وأربعون سنة، لينتصروا الأن لأنفسهم ولثورتهم، نعم هم من سيبني ليبيا بعد أن دمرتها.

ليبيا الآن حرة، ولكن تونس أيضاً حره، ومصر كذلك، ولكنها حرية غير مكتمله، مهترئة تمام كالصورة التي روجها الثائرون عن قياداتهم، ليست الثورة أن نرقص لأن الرئيس إنتهى، ويكون نهاية الرئيس هو أقصى مدى لانتصرار ثورتنا، وإنما بعد ذلك أمر عظيم، وهم كبير، فصناعة دولة تؤمن بالحرية، لا بد أن تكون الهدف والغاية، فمنذ فبراير الماضي ماذا صنعت ثورة مصر، وما هي نتائج ثورة الياسمين في تونس، أريد أن أرى عمل، وصورة حقيقية لما أراد الشعوب من ثورتهم، وليس صورة مشوشة لطموحات شخصية بكرسي الرئاسة.

كما خجلنا من تصرفات القذافي طوال السنين الماضية، نخجل من تصرفات البعض في الثورات العربية، الذين لا يرون أبعد من أناملهم، لا يرون من الثورة إلا إسقاط الرئيس، الثورة يا صاحبي ليست نهاية رئيس، الثورة قصة أمل وعمل، قصة مجتمع يبحث عن مساحة ليقول رأيه بحرية، عن خدمات تلبي أحتياجاته، وعن مسكن يأوي إليه، وعن حقوق مشروعة لا يناقشه أحد في حقه فيها، وعن مؤسسات تصنع بقايا أمل أضاعها ظلم رئيس، الثورة هي أن لا تبقى على الهامش تقاسي الأمرين فقر وكبت للحرية..

الثورة حلم يبحث عنها من لم يستطع إليها سبيلا، من ينام بعين واحدة، يفكر بغده، كيف سيجد لقمته؟، كيف سيعالج طفله؟، أو خوفاً من اعتقال، أو تنكيل، الثورة هي السبيل للسعادة والحرية..

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.