شبابنا بين الاتكالية والاعتماد على النفس..

نهاية الأسبوع الماضي كان لي جلسة جميلة مع كبار في السن، تحدثنا في هذه الجلسة عن ازدياد اعتمادية شبابنا على العمالة الوافدة، في القيام بأعمال المنزل لدرجة عدم مقدرة شبابنا على استبدال مصباح، أو تغيير حنفية، كنت طوال الجلسة أخالف رأي كبار السن وأقول “ما دام إن الشباب قادرين مالياً.. فلا بأس”..

في حقيقة الأمر كنت مقتنعاً بتحامل هؤلاء الشيوخ على شبابنا، واعتمادهم على العمالة الوافدة، وللأسف الشديد أنني من هؤلاء الشباب في الاعتمادية الكلية على العمالة الوافدة، ربما حالة الرخاء التي مررنا بها قبل سنوات، هي ما كرست أكثر هذه الاعتمادية، ولكن هل نعلق هذه الإشكالية على الرخاء المعيشي الذي نمر فيه فقط!..

أرى أن النشاطات غير الصفية التي كنا نمارسها في أيام الدراسة لها دور رئيسي في صقل شخصية الشاب، وهي من ساهمت بشكل أو بآخر في اعتماد شبابنا على غيرهم، ولكونها اقتصرت على الدين والرياضة، ولذلك تخرج بعض المتزمتين من الأولى، وفشلنا رياضياً من الثانية..

أيضاً تعود الشاب منذ صغره على عدم الاكتراث بالأعباء المنزلية، وتأصيل مبدأ اللامبالاة في الشباب منذ الصغر، هي ما عودتنا على التكاسل في الكبر فلا نستطيع الاعتماد على أنفسنا في المهام اليومية المنزلية..

في الدول الأخرى يعتمد رب الأسرة على نفسه في كل شيء، فتجده يقوم حتى بصبغ المنزل، ليسَ فقط تغيير مصباح أو حنفية، واسألوا المبتعثين عن اعتمادهم على أنفسهم في الخارج..

وأيضاً لابد أن تكون من ضمن الأنشطة غير الصفية في المدارس تعليم الطلاب على أساسيات الكهرباء، وممارسة تكوين دائرة كهربائية بأنفسهم، بدلاً من شرحها نظرياً فقط، أتذكر في أحد الأعياد كنا بحاجة إلى بناء لعبة بسيطة كي نمتع أقربائنا بالتجديد في العيد، بدلاً من الجلوس والحديث لحين قدوم الطعام، كان في اللعبة دائرة كهربائية، ضللنا نفكر ماذا سنفعل لتكوينها؟، وللأسف لم ننتبه إلا في النهاية أن معنا جامعي متخصص في الكهرباء، ليقوم صاحبنا أخيراً بتكوين الدائرة الكهربائية على مضض..

أما في مادة التربية الفنية، لا أتذكر أن المدرس قد شرح لنا أساسيات مزج الألوان، أو نفذنا نشاط خارجي للرسم على الجدران، أو شاركنا في تنفيذ مجسمات وأشكال من الأدوات التي لا نحتاجها في المنزل، مع أننا ندرس التربية الفنية منذ الصف الأول الابتدائي..

ليسَ كل شيء على المدرسة، فالبيت مطالب بالمزيد من التكامل معها، فلابد من توزيع أنشطة المنزل بين جميع أفراده ذكوراً وإناثاً، وعدم الاعتماد على الإناث فقط في التنظيف والترتيب والطبخ، ولابد أن يكون للذكور نصيباً من ذلك، فما الذي يمنع من قيام الابن بمساعدة والدته أو أخته في البيت..

تعاون أفراد الأسرة في تنفيذ الأعمال المنزلية، وتصليح المتعطل في المنزل، يحقق لنا رخاء من نوع مختلف، ويساهم في الحد من اعتمادنا على العمالة الوافدة في كل شيء، بدلاً من بقائنا تحت رحمة دولة معينة تساومنا بإيقاف الاستقدام، أو تشدد شروط العمل لدينا..

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.