هكذا تصنع الدراما يا عرب..

مسلسل زوارة خميس
في إحدى حلقات هذا المسلسل قمت بحساب عدد الأحداث في حلقة مدتها 40 دقيقة، كانت أكثر من 45 حدث، لم أكن أتصور أن أرى مسلسل عربي بكثافة هذه الأحداث فكيف بمسلسل خليجي؟.. وليست وفرة الأحداث هي الميزة الوحيدة في المسلسل وإنما الدراما المثيرة والمشوقة التي بدأت من أول الحلقات..

في رمضان ومع عرض حلقات مسلسل “زوارة خميس” كنت أقرأ تفاعل متصفحي الشبكات الاجتماعية حول حلقات المسلسل، لم يكن أكثر المتصفحين من النساء، فغالباً مسلسلاتنا المحلية والخليجية تعزف على وتر المرأة بصفتها المصدر الأول للدموع، فالقصص المأساوية هي التي تحركها، وتعزف على جراحها، وتلخص لها مسيرتها اليومية في مجتمعنا، وهي تتفاعل وتنفعل.. تسب الممثل.. وتلعن المجتمع.. وتندب حظها العاثر أن رماها بين أحضان العرب اللذين لا يعرفون إلا الصراخ..

شدتني تلك الهالة التي صنعها مسلسل “زوارة خميس” ومع أول إعادة له بعد رمضان قررت متابعة المسلسل، وكانت المفاجأة مع أول حلقة منه، خطوط درامية عديدة، فالخط الرئيسي هو حياة الزوج “موزة – ثنيان”، وتتقاطع مع هذا الخط خطوط أخرى، فحياة الأبناء “سعود، أحمد، مرزوق، فيصل، شاهة، عز” كلٌ منها خط درامي منفصل بذاته، والأطفال أيضاً خطوط درامية أخرى، و “أم نصيب” خط درامي ممتع، وغيرها من الخطوط الدرامية المختلفة بعضها يبدأ في الحلقة وينتهي في نفس الحلقة أو بعدها بحلقتين، كل هذا صنع توليفة غريبة لمسلسل استطاع أن يعزف ببراعة على جراح المجتمع..

تميزت حلقات المسلسل بالابتعاد عن الحشو الممل، فالأحداث المعروفة نهاياتها بحكم العادة مثل الزواج، تعرض الفكرة في مقطع، وبعد عدد من المقاطع في الحلقة تصور المَشَاهد على أن الزوجين في عش الزوجية، بدون تصوير لمراسم الزواج والاتفاق وغيرها، وأنا ذكرت الزواج هنا للتمثيل فقط..

أعتقد أن كاتبة المسلسل “هبة مشاري حمادة” أبدعت في صناعة عمل درامي جيد، استطاع جذب نسبة مشاعدة جيدة في رمضان وبعده، إلا أنها أخفقت من وجهة نظري في رسم نهايات الحلقات، فأغلب الحلقات لا تنتهي على نقطة مثيرة، تشوق وتشد المشاهد لمتابعة الحلقة التالية، أيضاً نهاية المسلسل في الحلقات الأربع الأخيرة لم تكن موفقة، فأغلب الخطوط الدرامية انتهت أو حسمت قبل هذه الحلقات، أو عرف ما مصيرها، باستثناء الخط الرئيسي “موزة – ثنيان”، أيضاً الميزة التي كانت في أغلب الحلقات وهي عدم وجود الحشو أصبحت مطلوبة من وجهة نظري في الحلقات الأخيرة حتى تكتمل الصورة بدون ضبابية، بالإضافة إلى ذلك لقطة الختام في الحلقة الأخيرة نستشف منها انتهاء جميع الخطوط الدرامية بنهايات منطقية ومتوقعة، ولم تترك الكاتبة من وجهة نظري خطوط درامية مفتوحة لكي يتاح المجال لمخيلة المشاهد لرسم سيناريوهات مختلفة لنهاية الأحداث..

ربما لا نتفق مع كاتبة المسلسل “هبة مشاري حمادة” في تصويرها لنا كمجتمع يعشق الخيانة، وكذكور همهم الأول في الحياة إذلال المرأة وإخضاعها لقدراتنا الجبارة، إلا أن المسلسل نجح ببراعة في صناعة دراما حزينة وحقيقية لا نراها إلا نادراً في القليل من المسلسلات العربية، وقصة حب تماثل قصص ألف ليلة وليلة، انتهت بموت موزة لعدم تقبلها لفكرة أن يعيش زوجها مع أخرى، ولكن أعتقد أن المسلسل بعيداً عن النقد الفني للعمل بالغ كثيراً في تصوير المجتمع الخليجي ومشاكله بشكل من الصعب تقبله، بالإضافة إلى ذلك أعاد المسلسل تعريف معنى الخيانة، فمن واقع شرعي لا نستطيع أن نقول أن الزواج بأخرى هو خيانة، كما صورها المسلسل، ولا نستطيع أيضاً أن نجزم بأن مجرد التحدث مع أنثى هو خيانة..

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

  1. في البداية انا ما كنت اتابع المسلسل ولكن مع مرور الوقت تابعت بعض الحلقات واعجبتني .

    * من وجهة نظري نجاح هذا المسلسل امتداد لنجاح مسلسل أم البنات للفنانة
    ” سعاد عبدالله ”

    * هناك علاقة طردية أنه كل مازاد عدد الشخصيات النسائية بمسلسل زادت نسب نجاحه
    وهذا الشي ملاحظ في المسلسلين ” زوارة خميس – أم البنات ”

    * أم نصيب شخصية دمها خفيف بعكس جسمها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.