سعودي مغشوش في المصيف المغشوش..

مطار الطائف
بالرغم من بساطة يوم الاثنين الماضي إلا أنني لم أتوقع أن أتلقى مثل تلك المشاكل والصدمات التي جعلتني أتأكد أننا ما زلنا عند أعتاب الجهل، وقلت الخبرة والتجربة..
كانت بداية ذلك الصباح على غير عادتها، فبالرغم من حرصي على توقيت هاتفي النقال على الساعة الثالثة والنصف وتوقيت الساعة على وقت مقارب إلا أن النصر كان حليف النوم، حيث أطبق على جفوني إلى الساعة الرابعة وخمسون دقيقة، حيث لم يتبقى على موعد إقلاع الطائرة إلا ساعة واحدة، هنا أسقط في يدي وبعد دش سريع، لم ينزل مؤشر السرعة في السيارة عن 140 لأصل إلى المطار عند الخامسة والنصف صباحاً.

من جهاز الخدمة الذاتية حاولت أن أستخرج كارت صعود الطائرة لأتفاجأ بإغلاق الرحلة وهنا كانت بداية المعاناة، فالمشرف على الرحلة “ياسر” رفض نهائياً أي حل وسط، بينما لم تفلح محاولاتي لإدخال أسماء من أعرفهم في الخطوط السعودية عند المدير المناوب وغيره من المسئولين هناك، ليبقى أمامي حل وحيد؟!..

ضاقت بي الدنيا فلا توجد رحلات أخرى قريبة إلا عن طريق جدة أو المدينة المنورة وكلا الرحلتين وقت الوصول لهما عند الحادية عشرة صباحاً، فما كان أمامي إلا الدخول لصالة المغادرة والتوجه إلى بوابة 37 والمعدة لاستقبال الركاب، ومن هناك بدأت المحاولة الأخيرة حيث وقفت عند موظفي الخطوط وبدأت في الجدال والمحاولة المستميتة لصعود الطائرة بكل الوسائل الممكنة وفي النهاية صعدت إلى الطائرة عند السادسة وعشر دقائق وهو موعد إقلاع الرحلة..

الصدمة الثانية التي تلقيتها كانت من الراكب الذي يجلس بجواري فقد رأى معاناتي، ولاحظ مدى إرهاقي بالرغم من كوننا في لحظات الصباح الباكر، ليصعقني بالضربة القاضية، فقد كان هذا الراكب والذي تغطى لحيته صدره إلى أطراف بطنه من الأشخاص الذي تظهر عليهم علامات الورع والتقوى والذين لا يفوتون صيام الاثنين والخميس، فيبدوا أنه قد أستشعر من منظر كرشتي أن الوجبة لن تكون كافية إطلاقاً بالنسبة لي ليهمس في أذني “عندما يوزعون الوجبات سآخذ نصيبي وأتركه لك”، فما كان مني إلا الرفض بشدة بالرغم من استحساني لفكرته..

وعندما حطت الطائرة في مطار الطائف كانت الصدمة الثالثة، فهذه هي زيارتي الأولى لمصيفنا، لأبصم بالتأكيد على أن مطار الرياض هو الأفضل في المملكة وإن كانت التقارير تشير إلى أنه الأسوأ حول العالم، ففي مطار الطائف هناك بوابة واحدة للقادمين، وما إن تجاوزتها حتى وجدت أمامي المصيبة الكبرى فهناك ثلاث مكاتب لتأجير السيارات لا توجد فيها أي سيارة نهائياً، وبالرغم من قرب جامعة الطائف من المطار إلا أن سيارات الأجرة ترفض أن تبرح أرض المطار بأقل من 70 ريالاً، هذا ونحن لسنا في الموسم فكيف لو كنا في ذلك الزمان، تذكرت بعدها أن الجامعة متكفلة بوسيلة النقل من وإلى المطار فلم تمضي دقائق معدودة حتى وصلت السيارة إلى المطار، فالسبعون ريالاً خسارة في سائق أجرة غير سعودي..

كان منسوبي الجامعة في غاية اللطف ودماثة الخلق ورعة الطالع، إلا أنهم وجهوا لي ضربة قاضية أخرى، فإصرارهم على أن أنتناول طعام الغداء معهم أحرجني كثيراً، لتزيد قناعتي بكوني سعودي مغشوش، فأنا لا أحب الأكل بيدي، ولا أحب الجلوس على الأرض، وكانت وليمة الغداء عبارة عن مفطح وبجلسة على الأرض، وهنا كانت المعاناة ليجبرني ذلك على استخدام يدي، يبدوا أنني بحاجة إلى دورة تدريبية على ذلك.

في رحلة العودة وعندما دخلت مطار الطائف لا يوجد أي وسيلة تدل على أننا في بلد البترول، فصالة المغادرة لا يوجد بها مطعم يمكن أن يتسمى بذلك سوى كشك صغير لبنغال..

انتهت الرحلة بقناعة أنني “سعودي مغشوش في المصيف المغشوش”..

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليقين

  1. والمشكلة الاسعار نااااااار على ايش ؟؟؟؟ … انا اعتقد ان قضاء صيف في ماليزيا ارخص من قضائه في الطائف …. وهذي بحد ذاته مصيييبة

  2. ربما الخطأ ليس من مطار الملك خالد ، ولا من موظفين الخطوط ؛ بل من ” الشعب السعودي ” الذي يتأخر ويريد كل شيء كما يحب لا كما يجب أن يكون !

    ومطاراتنا شيء عجيب وربما تدرج من ضمن عجائب الدنيا قريبا ، إذ المفارقة غريبة أغنى دولة من حيث إنتاج النفط ومطاراتها من أسوأ المطارات إن لم تكن أسوأها .

    – أذكر لما زار خادم الحرمين المدينة المنورة وتفقد مشروع توسعة المطار هناك ذكر المتحدث للملك أن مدة التوسعة 30 سنة !! وهذا سمعته في أخبار السعودية .

    فما بالك ببناء مطار جديد ، كم تتوقع أن تستغرق مدة بنائه ؟! ربما يستمتع به أحفادك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.