ديمقراطية البؤساء


لعل الدكتور عبدالله الغذامي من أكثر المتفائلين بجاهزيتنا كشعب للديمقراطية، ولعل غيره غير محبذين لها، وغير راغبين بها، بل يروجون من خلال طرحهم إلى أن الديمقراطية مصطلح كبير جداً علينا ، ولا نستحقها من الأساس، وأحياناً يجزمون أن الرغبة في الديمقراطية ما هي إلا مؤامرة أجنبية تريد إفساد الشعب.

إذا تأملنا التاريخ نجد أن ديمقراطية رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم من المفترض أن تكون نبراساً لنا لنهتدي له، فهو لم يسمي من يخلفه في قيادة المسلمين، لذا تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحكم من خلال أول برلمان عرفه التاريخ الإسلامي “سقيفة بني ساعده”، وهذه أول تجربة ديمقراطية نجح فيها المسلمين بأقتدار.

ولو أننا سنقيس الديمقراطية بتجاربنا الانتخابية مثل انتخابات الغرفة التجارية أو الانتخابات البلدية أو انتخابات هيئة الصحفيين، فلن نجد لنا بد من رفضها، فديمقراطيتهم ليست مدعاة للفخر، فالأولى ظل فيها الرئيس عشرون سنة ينتخب، والثانية سيطرة العنصرية القبلية والعنصرية الدينية على دورتها الأولى، واختفى أو تضائل ذلك في دورتها الثانية، أما الثالثة فصوت الأغلبية هو السائد وهذا أحد مبادئ الديمقراطية، ولكن هل الأغلبية حقيقية؟.

إذا سنقيس جاهزيتنا للديمقراطية على التجارب الثلاث فبالتأكيد سنقول لا تصلح لنا، لأن تجارب النخبة من تجار ومثقفين لم تنجح، ولكن هل هذا كافي؟، وهل هذا القياس منصف؟، بالتأكيد هو غير كافي وغير منصف، فالتغلب على مثل هذه الأمور لا يتم إلا بعد تجربة الديمقراطية وممارستها، وإرساء مبادئها والتقيد بها، ربما لن تنجح أول تجربة، ولكن تنجح التجارب الأخرى وسنحقق ما نريد من الديمقراطية.

مشكلتنا أننا نحجم أنفسنا في إطار القبيلة والدين، وواقعياً لا نحن حققنا النماء مع القبلية، ولا عم الرخاء مع الدين، فالأولى تمسكنا بالعنصرية والعصبية حتى أفسدتها، وأتى على غمارها الفساد من خلال الواسطة، أما الدين فلم نطبقه كما أمرنا الله لذا لم نتطور كما فعل أجدادنا الصحابة من قبل، وبقينا بين فكي الرحى القبيلة والدين، تطحننا العادات، ويصهرنا التزمت والغلو.

نعم نحن جاهزون للديمقراطية، صحيح أن لنا عيوبنا ولكن لن تزول إلا بممارسة الديمقراطية وإرساء مبادئها ومفاهيمها، وعندها سننتصر إذا رافق الديمقراطية تمسك بالدين وحرص على الإخلاص كما نؤمر دينياً.

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.