خمس سنوات على الرؤية.. فكر وثقافة وطموح

تأخرت في الحديث عن اللقاء التلفزيوني الذي أجري مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمناسبة مرور خمس سنوات على إطلاق الرؤية، وذلك لأني أحتاج أن أكون وجهة نظر شخصية عن اللقاء، بعيداً عن أحاديث الآخرين، وهذا بالفعل ما عملت عليه، وفي هذه التدوينة سأتحدث معكم عن مشاهداتي الخاصة لبعض النقاط التي تطرق لها الأمير محمد بن سلمان.

(1)

بدون أن تكون لديك استراتيجية واضحة، تعتمد من أعلى سلطة في البلد، وتسقط أهدافها على الجهات الحكومية لتحقيقها، ومن ثم قياس نسبة تحقيق هذه الأهداف، ومراقبة ومتابعة الإنجاز في ذلك، ومحاسب المسؤول الأول في الجهة ومسائلته عن الإنجاز، لن تستطيع تحقيق التطور والرفاهية لبلدك، وهذا ما شاهدت في حديث سمو ولي العهد عندما تحدث عن مركز الحكومة، فهذا المركز يبني الاستراتيجية، ويسقطها على الجهات الحكومية، ومن ثم يتابع إنجازها.

(2)

أن تنظر للتاريخ، وتمعن في القرارات السابقة، والمقترحات السابقة، وتقيمها بناءً على المعطيات الحالية، فهذا يعني إيجابية كبيرة، ورؤية تعرف كيف توجه أهدافها، واستفادة من التجارب السابقة لتحسين النمو بشكل أفضل، وهذا ما استشعرت في حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عندما تحدث عن مقترح سابق من الأمير مساعد بن عبدالرحمن ورفض في وقته، والآن نعيد الاستفادة من هذا الدرس في إعادة بناء المواصفات القياسية للتطوير العقاري.

(3)

عندما أوضح ولي العهد السعودي رؤيته في زيادة الغطاء النباتي، استشعرت حجم المعاناة التي عشناها في السنوات الأخيرة، بالفعل العواصف الرملية بدأت تزيد، وهذا بفعل زيادة التصحر، ولو تذهب مثلاً لوسط مدينة الرياض، وتشاهد طريقة التشجير، وحجم الأشجار بالمقارنة مع شمال الرياض أو شرقها، ستلاحظ هذا الفرق جلياً، واليوم تغيرت المعادلة، وبدأنا نهتم بإعادة بناء الغطاء النباتي، للحصول على عدة مستهدفات، أولها مقاومة التصحر، وزيادة نسبة الاكسجين لكون الأشجار منتجة له، وأيضاً تخفيض درجات الحرارة وهذا سيؤدي لزيادة الأمطار بإذن الله سبحانه وتعالى.

(4)

إعادة تعريف مفهوم الوظائف، وهذا ما أوضح الأمير محمد بن سلمان، حيث قسم الوظائف إلى نوعين وظائف جيدة وأخرى سيئة، والعامل المشترك بينهما هو أنها تحقق لك الدخل الذي يؤمن الاحتياجات اليومية من أكل وشرب وملبس ومسكن، بينما تتفوق الوظائف الجيدة على نظيرتها بأنها تساعد على الادخار، والصرف على الترفيه، وغيرها من الأمور الأخرى، وهدف الرؤية بعد تقليل نسبة البطالة إلى 7% هو زيادة الوظائف الجيدة بمقارنة بنظيرتها، وهذه رؤية تصب في مصلحة المواطن أولاً، فسياسة الادخار لدينا غير ناضجة وهي الغائب الأكبر عن الأسرة السعودية، والأغلب يركز على الوظيفة التي تلبي احتياجاته عن الوظيفة التي تزيد دخله، وهذا الأمر يحتاج إلى صبر وجلد حتى تحقيقه، وبالتأكيد مع تحقيق ذلك سيزيد دخل المواطن بشكل كبير.

(5)

نقطة مميزة أشار لها ولي العهد السعودي وهذه إيجابية كبيرة، فهو قال أن تعليمنا سواءً العام أو العالي ليس سيء، وهذا نقيض ما يروج له البعض، وإنما نحتاج لتغيير التوجه فيه، فسابقاً كان التعليم يركز تزويد الطالب بالمعلومات، أما ما تطمح الدولة إليه، هو أن يكون لدى الطالب المعلومات الأساسية، بالإضافة إلى تنمية قدرات ومهارات الطلاب، من خلال توعيتهم بطرق البحث، والحصول على المعلومة، وغيرها من المهارات المختلفة، وهذا يناسب مع توجه أطفالنا اليوم، فمن خلال مشاهداتي أرى أنني عندما أذكر معلومة لطفل يسارع في البحث من خلال الإنترنت عنها، فمصادر المعلومات متوفرة، ولكن من وجهة نظري نحتاج لزيادة المحتوى المفيد في الإنترنت، وخصوصاً الذي يهتم بإرثنا وتاريخنا وثقافتنا.

(6)

تحرر الفكر، والتركيز على الثوابت، ففي حيث الأمير محمد بن سلمان، ظهر فهم عميق للحديث النبوي، وفهم أشمل لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، من ناحية تطبيق الحدود، والستر على المسلمين، وفهم كبير لسياسة الدولة في تطبيق المفاهيم الدينة، وإعادة الأمور إلى أصولها الطبيعية، والبعد عن التطرف والغلو، فديننا صالح لكل زمان ومكان.

سجل أعجابك
Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.