كوريا الجنوبية.. ودروس في نشر الثقافة

خلال العام الماضي، ومع بداية موسم الرياض لاحظنا مدى الشعبية الكبيرة للفرقة الغنائية الكورية، والتي قدمت حفلها في مدينة الرياض، ولا شك أنكم لاحظتم مقاطع الفيديو لصبايا وهن يرددن بعض الكلمات الكورية بلغة سليمة جداً، وأيضاً يرددن أسماء الفريق الغنائي، وكأن هذه ليست الحفلة الأولى التي تقيمها هذه الفرقة في الرياض.

ولو أمعنا النظر قليلاً لتبين لنا أن الثقافة الكورية متغلغلة لدى الجيل الجديد، وهذا يعود إلى المسلسلات الكورية والتي أصبحت المطلب الأساسي لهذا الجيل، فالاهتمام بالثقافة الكورية الجنوبية يعود للانفتاح بعد وصول الإنترنت، حيث أن “اليوتيوب” هو المصدر الرئيسي لاستعراض الثقافة الكورية، وبعدها يأتي التلفاز، ومن ثم برامج المشاهدة المدفوعة، فحلقات المسلسل الكوري الجنوبي الواحد تكون بين (١٥) و (٢٠) حلقة، مما يعني خطوط درامية مكثفة، وتسلسل أحداث سريع، وهذا يعني تعلق المشاهد بالعمل الدرامي، وأجزاء متعددة من المسلسلات.

وبالإضافة إلى ذلك قدمت المسلسلات الكورية ما يرغب المشاهد بتقديمه، وخصوصاً في الأعمال التي تستهوي صغار السن، مثل الموضوعات الإنسانية والغرامية والموسيقى، والأعمال التي تركز على الأصدقاء، مما رفع نسبة المشاهدة لدى فئة المراهقين والشباب، وعلاوة على ذلك قدمت كوريا الجنوبية تسهيلات لعرض مسلسلاتها على القنوات الفضائية، بدءً من دول أمريكا اللاتينية، حتى وصل للدول العربية.

هذا لم يأتي من فراغ، فكوريا الجنوبية استثمرت معدل (١٪) من ميزانياتها السنوية وعلى مدى عشرين سنة في الاستثمار بتحسين الصورة النمطية لها، والترويج لثقافتها، وأطعمتها، وعاداتها وتقاليدها، خارج كوريا، وذلك من خلال الأغاني، والأعمال الدرامية، علاوة على الترويج الثقافي والسياحي، فهي تقدم أفضل ما لديها في هذه الأعمال، وتسلط الضوء على الجانب الإيجابي في كوريا الجنوبية.

هذا التسويق الذي تبنته كوريا الجنوبية لم يخطف أنظار الكبار، أو محاربي الثقافات، لأن الطرق التي استخدمتها كوريا للترويج لثقافتها مختلفة وثورية، مما أدى إلى انتشار الثقافة، بدون أن يلاحظ ذلك الكثيرون، وهذا ما جعلنا نستغرب الجماهيرية الكبيرة لتلك الفرقة الغنائية الكورية.

لعل لنا في التجربة الكورية الجنوبية مثال جيد، خصوصاً ونحن بدأنا في العمل على ملف السياحة، فنحن بحاجة إلى تقديم عاداتنا وتقاليدنا، وأفكارنا بشكل مختلف للعالم، فلن يأتي السياح لكي يشاهدون ما اعتادوا عليه في بلدانهم، وإنما يبحثون عن ما لديك، لذا فالتغيير مطلب، والتقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدوات نشر المحتوى الرقمي على الإنترنت موجودة ومتاحة للجميع، لكن من يعرف استخدامها وتوظيفها لكي يحقق النماء الثقافي والسياحي للبلد.

سجل أعجابك
Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.