“مركاز” الإمام.. وفكر أكثر اعتدالاً

ويبقى المسجد مصدر القوة لذا يحاول أعداء الأمة تدميره
في أغلب مساجد الرياض، تجد في طرف قصي، جسلة شعبية، يقوم الإمام في العادة بالجلوس فيها لتدريس القرآن الكريم لبعض أبناء الحي، أو أن يجتمع فيها مع بعض رجالات الحي الدينية، فتجد هذه الجلسة من أكثر الجلسات احتراماً، فلا أحد يستخدمها سوى الإمام، بينما في الحرم المكي أو الحرم المدني، تجد ذات الجلسة ولكن ليست شعبية بمفهوم أهل الرياض، وإنما على شكل كرسي، يجلس عليه بعض المشايخ لتقديم الدروس الدينية للمصلين.

كلا الجلستين أمرهما ايجابي، ولكن لماذا لا تستثمر بشكل مختلف، لماذا يبقى دور المسجد منحصراً بتعليم القرآن الكريم أو الدين، لماذا لا يكون المسجد جامعة متكاملة تقدم العلوم المختلفة، فسابقاً كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يقدم في مسجده دروس اللغة العربية للمصلين، وكان له طلاب يدرسون على يديه ليتعلمو جميع فنون الحياة.

تتحول الأهواء والآراء بسرعة، ولكن أن تتحول للأسوأ فهذا أمر مزعج جداً، إن كان لهذه الدروس دور سلبي في أيام خلت، فلابد من التفكير ملياً في إعادة تقديمها وتعريفها لتكون ذات دور ايجابي، فقد كثر الخَبث في الأرض، ووجود دور حقيقي للمسجد تحت اشراف الهيئات الحكومية التي تنظم ذلك سيكون له أثر أيجابي في تغيير فكر شبابنا للمسجد، ومحاصرة الفكر المتطرف بفكر أكثر اعتدالاً.

ما الذي يمنع من أن تقام الدروس الخصوصية في المسجد لطلاب الحي، فلابد أن يكون في الحي مدرس رياضيات أو مدرس فيزياء أو كيمياء، وهؤلاء المدرسين يعطون دروس تطوعية في أوقات يجدولها إمام المسجد لأبناء الحي، وما الاشكال في أن يكون هناك درس ثابت في اللغة العربية يقدم من المسجد لجميع سكان الحي بعد أن كثر اللحن في القول.

المسجد دوره كبير ولكن للأسف غير مفعل لدينا بشكل نهائي، ففي أحياء السعودية هناك من يسمى بالعمدة، وهذا العمدة لا أحد يعرفه ولا يقوم بأي دور يذكر، ومع ذلك يعتبر بكلامه ويطلب منك أن تحضر بعض الأوراق من عمدة الحي الذي تسكن فيه، بينما الإمام الذي يعرف كل المصليين من سكان الحي، لا يعتد برأيه، فلماذا لا يؤدي هذا الدور، ويكون هو المسؤول أمام الدولة عن هذا الحي بجميع جوانبه، أي أن يكون عمدة الحي.

مسؤولية الإمام أمام الحي ومعرفته الجيدة لسكان الحي، تساعد بشكل كبير في التخفيف من الجرائم، فهو يعلم سكان الحي وأبنائهم واحداً تلو آخر، وبالتالي يستطيع التعرف على أي غريب يحضر للحي، ويكون هو السد الأول للإنذار المبكر للمخاطر في الحي.

المسجد والإمام والمؤذن.. أدوارهما أنحصرت كثيراً، ولابد من إعادة تفعيل هذه الأدوار لتحقيق مفهوم الحي النموذجي بأسلوب اسلامي ومختلف، فهم الثلاثة من المفترض أن يتحملوا المسؤلية عن الحي وسكانه أمام الدولة، وهم لهم الكلمة العليا لدى سكان الحي، فمن المفترض أن يعرفون البيت المحتاج، لتحقيق مفاهيم التكافل الاجتماعي بشكل ابداعي وملهم.

متى ما عاد دور المسجد إلى ما كان عليه سابقاً، متى ما عدنا لأن نكون أفضل وخير الأمم على الاطلاق.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.