هل انتهى عصر التدوين؟


هذا هو السؤال الصعب، فلم يعد التوين كما كان، هل انتهى عصره الذهبي؟، وبدأت محاولات الإنعاش له، أم أنها استراحة المحارب التي سيعود لها وينطلق في أفق أرحب ومجال أوسع، عن نفسي طوال هذا العام اختفيت كثيراً من هذا المكان، فتواجدي النادر جداً أصبح يتعبني أكثر، وكلما فتحت صفحة مدونتي شعرت بالكثير من المرارة والأسى على عدم الكتابة، ولكن ما هو سبب الاختفاء؟.

سأجيب على السؤال في آخر التدوينة، ولكن لنتأمل حال أغلب من يمارس التدوين، فهم ليسوا متفرغين له، وإنما هم ينفسون عن ما بداخلهم هنا وهناك، يبحثون عن مساحة أرحب للحديث، والمدونة حلت بالنيابة عنها أماكن أخرى وأسهل في التحديث، أماكن أكثر وأوسع انتشاراً، مثل الشبكات الاجتماعية الأخرى (تويتر، فيسبوك، انستغرام، باث، سناب شات، كيك) فالأماكن للتنفس أصبحت كثيرة، حتى ضاق البيت على سكانه وأصبحت المدونة عبئاً على صاحبها، لدرجة أن عدد كبير من المدونين أغلقوا مدوناتهم وبدوا في التنفيس في الأماكن الأخرى.

أيضاً سهولة وسائل التعبير الأخرى هي ما سارعت في إنهاء عصر التدوين، فالتعبير في صورة أو مقطع فيديو من خلال انستغرام جذبت الكثيرين فالمادة المرئية والمشاهدة لها جمهورها، وإن كان هناك من المدونين من حاربوا انستغرام في بدايته على أنه مكان لمن ليس له هويه أو لمن يريد تضييع وقته، إلا أن محاربتهم له لم تأتي بنتيجة فأصبح هو المتنفس الأول من وجهة نظري قبل حتى تويتر.

كيك هو الآخر أبرز نجوماً جدد، وأظهر فرسان آخرين لم يستطيع أحد كبح جماحهم، ولكنهم هم الآخرين فكروا في الإعلام المرئي من تلفاز وقنوات فضائية، وكأن كيك هو مجرد وسيلة للوصول إلى من حاربوه في بداية عصر انتاجهم المرئي.

تويتر هو الآخر والذي بدأ بعد عصر التدوين بقليل، أخذ من الكعكة جزء مهم، فهو المصدر الأهم للأخبار، والمتنفس الأبرز للتعبير بكلمات محدودة، عن نفسي قل تواجدي في تويتر أيضاً وهذا الأمر يزعجني كثيراً، أتمنى أن أعود مره أخرى هناك.

والأمر الأهم أن بعض المدونين كانوا يعتبرون التدوين هو الوسيلة الأبرز للدخول إلى الصحافة الورقية، وفعلاً تحقق لهم ذلك حتى هجروا مدوناتهم وأغلقوها، وأصبحوا يكتبون في الصحافة الورقية، مخالفين بذلك توجهاتهم عندما كانوا يمارسون الهواية على صفحات الإنترنت.

وأخيراً سأجيب عن السؤال، عن نفسي اختفيت كثيراً من بعد رمضان الماضي بسبب مشاغل العمل، فخلال العام الماضي زادت مسئوليات الوظيفية حتى أصبحت مقصراً بحق عائلتي علاوة على أن أكتب في المدونة، ومع دخول رمضان تذكرت أنني ملتزم معكم من بداية عمري التدويني بكتابة تدوينة يومية، أتمنى أن أستطيع هذا العام المواصلة معكم فيها.

عصر التدوين والالتزام بالكتابة هنا كان من أبرز وأهم الأيام في حياتي، ومع أني حققت الكثير على المستوى المهني خلال السنتين الماضيتين، إلا أنني أجد أن الاستمرار في التدوين هو أبرز الإنجازات لو فعلتها، فمن يكره أن يكون له مكانه الخاص الذي لا يستطيع أحد أن يفرض عليه القيود، ويصبح هو المتحكم في الكلمة، وهو الرقيب عليها، فأي انتصار هذا.

كل عام وأنتم بخير
رمضان 1435

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.