لتركيا أم لطالبان أين تتجه أرض الكنانة؟


لعل التجربة التركية التي أتى إلى سدة الحكم فيها شخص أسلامي يدعى “أردوغان”، كان قبل ذلك فقيراً معدما، اضطر لبيع البطيخ في طفولته كي يساعد والده، ويكمل تعليمه، وهذا الفقر الذي عانى في طفولته، بالإضافة إلى تمسكه الديني جعلته يقود تركيا للرخاء الاقتصادي.

وكان قبل “أردوغان” الرئيس الماليزي ” مهاتير محمد ” والذي باع في طفولته فطائر الموز، ليقود بعد ذلك ماليزيا لتصبح دولة صناعية متقدمة وينخفض فيها معدل الفقر من 52% إلى 5% في عام 2002، صحيح أنه لم يكن ينتمي لحزب أسلامي، إلا أن تصريحه الشهير في منظمة المؤتمر الإسلامي والذي وصف فيه اليهود بأنهم أساس المشكلة بينما المسلمون متسامحون تكشف شيئاً من تربيته الإسلامية وحرصه على المسلمين.

وعلى النقيض من ذلك لم تستطع حركة طالبان قيادة دولة أفغانستان لتكون دولة متقدمة، وإنما قدمت وجهاً مختلفاً للمسلمين، ولم تستطع أن تقدم دولة تستطيع تقديم قوله تعالى ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا “، بل رسخت مفاهيم العنف والكراهية والتشدد، وشوهت صورة المسلم المتسامح والتي قدمها أروع البشر محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم عندما قال لكفار قريش “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، لتسقط بعدها حركة طالبان وتسقط معها الدولة بعد أن بلغ أذاها أشده في حق الدين قبل الدول.

وعندما أتت ثورة الشعوب العربية كانت تبحث عن أمل يجتثها من الفقر والبطالة، أمل يسد رمقها، أمل يصنع منها أمة بحق تصنع الفرق في كل دول العالم، ليست مستضعفة عالمياً.. وهكذا انتصرت تونس أولاً، وتعثرت ولادة مصر كثيراً، رغم أن رئيسها السابق لم يصمد كثيراً، وبعدها ليبيا واليمن، رئيس هنا إسلامي، أو بخلفية إسلامية هناك، أو حقوقي مدافع عن الإنسان، وبذلك تأمل الشعوب العربية أن يكون لقب إسلامي هو التعويذة التي تبعد شبح السرقة عن الرؤساء، وتجلب للشعوب الغنى والحرية والنماء.

كانت عيون الشعوب العربية ترمق التجربة التركية بعين، والأخرى تنظر من بعيد للتجربة الماليزية، وتجاهلت تجربة حركة طالبان، وكأنها تقول نحن “أمة وسطا”، وسيصنع الرجال الأشاوس والمسلمون بحق الدول مره أخرى.

نعم أسدل الستار أخيراً على الانتخابات المصرية، وقال المصريون كلمتهم عبر صناديق الاقتراع وبحرية حتى لو علت الأصوات التي تريد أن تقمعها، وفاز “محمد مرسي” كإسلامي أولاً ومن أسرة بسيطة ثانياً، ربما يكون هو الأمل التي ترقبه أرض الكنانة ليقودها كما كانت سابقاً مهداً للحضارات والنماء الاقتصادي.

لم أتوقع أن يفوز مرسي لسبب واحد فقط وهو الوجه الذي ظهر به الأخوان المسلمون في البرلمان، فعندما ترى تحت قبة البرلمان من يؤدي الأذان تستغرب ذلك، فحتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين ومع ذلك لم يفعل لهم شيئاً، بينما هؤلاء يحاولون أن يقدموا صورة لا أريد أن ترتسم عن المسلمين، ولكن فاز مرسي لأن الشعب يريد أن ينتصر من اتخذ من الإسلام شعاره، لعل جلال الاسم فقط تمنع الرئيس عن خيانة الأمانة والسرقة، وتقوده للصدق والأمانة والحرص على الشعب.

نعم متى ما قدم هؤلاء الذي يقبعون الآن في سدة الرئاسة في تونس وليبيا ومصر الإسلام الوسطي، واعتقدوه داخلهم فبالتأكيد سيمنعهم من كل موبقات الحياة، وسنرى دولاً ناجحة لا يشق لها غبار، وشعوباً تنتصر على كل سنوات المعاناة والظلم ويحق لها أن ترى النماء الاقتصادي والرخاء المعيشي.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.