صمتاً في كلمتين .. حلاوة اللقاء وبس


لم يكن أجمل من تجمعنا بعد الإفطار على حلقات طاش ما طاش، كانت تصنع شيئاً مختلفاً في المجتمع ككل، كنا نستمر في الحديث عنها إلى اليوم التالي، بل إلى الآن والجميع يقلد شخصياتها وأدوارها، نتذكرها جيداً بالرغم من أننا لم نتفق كثيراً مع نجميها على بعض طروحاتهم، كان طاش عمل احترافي بمعنى الكلمة.

الآن لم يعد لطاش وجود في موعده المحدد، ولم يأتي شيء يستطيع أن يسد مكانه، حتى “واي فاي” وإن كان عمل ناجح إلا أنه ليس كمثل طاش، فلا مجال للمقارنة بين عمل شامل ينقد المجتمع، وعمل للتقليد والتهريج والضحك فقط، حتى أن “واي فاي” أصبح يعيد بعض التقليد باسلوب مختلف كما فعل مع برنامج “الثامنة”.

اختفى طاش ولم يأتي مكانه إلا برامج من صناعة بعض نجوم “كيك” أو نجوم “يوتيوب” يقدمون البرنامج على أنهم يجلسون على قارعة الإنترنت يستطيع المشاهد أن يوقف البث في أي لحظة يريد، وهذه ميزة الإنترنت، أما التلفزيون كوسيلة إعلامية فهو ليس كالإنترنت له وضع خاص يصعب تقديم شيء مثله.

نجوم “كيك” لا يستطيعون أن يصنعو أكثر من ثلاث دقائق، فهم عندما يتحولون إلى التلفزيون تجدهم يقدمون برنامج بلا هوية ولا عمق، وتجد المشاهد ينجر لمشاهدة ما لا يرغب بمشاهدته، فإذا كان الهدف الفكاهة من استخدامهم في هذا الوقت من رمضان فلم نجدهم، وإذا كان الهدف الفائدة فلم نلاحظ ما ينمي الثقافة أو يمنح معلومة، وإذا كان الهدف هو السخرية من المجتمع فلم نشاهد إلا كلمات سريعة وأسلوب يسخرون فيه من أنفسهم قبل المجتمع، إذا فما الفائدة من وجودهم.

إذا ما قارنا بين هذه البرامج التي تأتي من نجوم “كيك” مع برنامج تم صناعته من قبل نجوم التلفزيون والذين كانوا قبل عصر “كيك” بسنوات مثل برنامجاً “صمتاً” بالتأكيد ستلمح الفرق، وسنتجد العمق المعرفي والفلسفي في البرنامج، بالرغم من أنه لا يحتوي على أي كلمة، وستجد أيضاً أنه صنع شيئاً متقنناً في أقل من خمس دقائق، وبجودة ومحتوى يفوق ما يصنعه نجوم “كيك”.

نجوم “كيك” غير قادرين على الغوص في بحار التلفاز، ولم تجد فيهم من يستطيع أن يعد برنامج تلفزيوني متكامل، هم فعلاً استطاعوا أن يعرضوا موهبتهم أمام الناس، وفعلاً هناك من حبهم، وأعتبرهم نجوم بمعنى الكلمة، وهناك من أزهجه وجودهم حتى يكون لهم من التلفاز نصيب.

بلا شك سيأتي يوم وتكون في قنوات الأفراد على الإنترنت هي المتحكم في المشاهدة، ولكن سيبقى الجيد مع سباق النشر الذي سيكون حينها، أما الزبد فيذهب في حاله، ولن يكون له نصيب.

همسة
وجودك على الإنترنت لا يعني أنك الأفضل وإنما يعني أنك تمتلك الأدوات التي توصلك للهدف، فأحسن استغلالها..

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.