الألمان حكمة عالمية وحنكة إدارية


فاز الألمان بكأس العالم ولم يكن ذلك عن طريق الصفة بل من خلال عمل حقيقي وثبات إداري وفني، فالألمان التي لم تغير مدربها من سنوات، ولم يمر على كرسي التدريب إلا عشر مدربين، تثبت يوماً بعد آخر أن التغيير المستمر في الهيكل الفني أو الإداري لن يجدي أو يحقق نتيجة تذكر، فاز الألمان وقبل فوزهم كانو قد جددوا لمدربهم “لوف” إلى 2016، وهذا يدل على ذكاء وحكمة إدارية.

لو أصدر القائمين على الفريق الألماني قرارهم بتغيير المدرب قبل كأس العالم، أو قالوا أن كأس العالم هو الرحلة الأخيرة لهذا المدرب بالتأكيد ستكون هناك ثغرة إدارية فنية كبيرة في الفريق، وهذا ما حصل مع نادي النصر السعودي قبل سنوات عندما أعلنوا في منتصف الموسم أنهم سيغيرون المدرب وأنهم وقعوا عقد مع المدرب الإيطالي “زينغا” بالرغم من أن المدرب آن ذاك (لا يحضرني أسمه) أبلى بلاءً حسناً مع النادي في أول الموسم.

في اعتقادي أن هناك وقت للتغيير، وهذا ما يتقنه الألمان، فلماذا أغير والأمور لدي تبدوا جيدة، ولا يوجد أمور تؤدي إلى كوارث، ولكن يجب أن يتوفر لدي قياس عام للأداء لكي أعرف متى يكون التغيير لازماً، ومن وجهة نظري هذا ما يفعله الألمان، فهو يتابعون ويرصدون مستوى الفريق وأداء المدرب، وما ما شاهدوا أن هناك أختلالاً عام حينها فقط يبدأون في عملية التغيير، ولذا تشهد الأرقام على هذه الحنكة الإدارية فهم لعبوا على ثمانية نهائيات في كأس العالم وحققوا منها أربعة أي النصف.

التغيير سلاح ذو حدين فإما أن يكون سبباً في التقدم أو يكون سبب رئيسي في التأخر، وتحقيق التوازن لمعرفة متى يحين وقت التغيير من أهم الأمور التي يجب مراعاتها، وهذا ما يستطيع فعله الألمان، فهم يعرفون جيداً متى يكون وقت التغيير، ولذا مع الفريق الكروي تجدهم يتابعون بخطط مدروسة وممنهجة، وليست مثل خطط صاحبنا.

حقق الألمان كأس العالم وهم يلعبون كرة جماعية، ولم تأثر فيهم الغيابات أو الإصابات، لا يعتمدون على النجم الواحد، وإنما يلعبون كفريق، فهذه البرازيل التي أعتمت في البطولة على نجم واحد “نيمار” خرجت بهزيمة ثقيلة، والأرجنين هي الأخرى وهي تعتمد على نجمين “ميسي” و”ديمريا” خرجت بعد أن أصيب الثاني، ووقف الأول عاجزاً بدون أي حلول، بينما الألمان أصيب “خضيرة” فكان بدلاً منه أكثر من نجم.

أيضاً لم ينسى الألمان نجمهم “كلوزة” فحتى وهو يبلغ عمر 36 سنة أكرموه بالمشاركة في البطولة حتى يكون اللاعب الوحيد عالمياً الذي يشارك في أربع كؤوس عالم متتالية، ومن ثم حرصوا أن يحقق تصدر قائمة هدافي كأس العالم بعد أن عادل اللاعب البرازيلي “رونالدو” في قائمة الهدافين، وأمام البرازيل صنعوا له التفوق وحقق هدف رقم 16 ليصبح هو المتصدر عالمياً لهذه القائمة.

إنتهى كأس العالم ومنه وجدنا الكثير من الدروس، فبعد أن شهدنا تسيد البرازيل عالمياً، ها نحد الآن نشهد ذبول لنجمها، لتعطينا درساً كبيراً، فمن السهل الوصول للقمة لكن من الصعب المحافظة عليها.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.