“حقيقة ساهر”..


عين تسهر لخدمتك، أم عين تسهر لخديعتك، أم عين تسهر لمراقبتك، أم عين تسهر لسرقتك، كلها عبارات رنانة سيتقبلها البعض لمجرد أنها وافقت شيء في أهوائهم، ولكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ما يسوق له، هذا ما حاول أحد البرامج الإنترنتية تقديمة للناس، حتى لو خالف الواقع المهم أن يصل إلى أكبر شريحة ممكنة.

تعودنا في البرامج التلفزونية أو الأفلام أن يكون التحذير في أول لحظات المشاهدة، وعلى العكس من ذلك وضع هذا البرنامج التحذير في نهاية المقطع بالرغم من أن جيل الإنترنت لا يفضلون المحتوى المرئي الطويل، وعادة يهربون بعد الدقائق الأولى، وهم بعد مشاهدة الدقائق الأولى يبتعدون مرددين “ساهر مؤامرة يهودية”، لمجرد أنهم يريدون ذلك، بينما بقى التحذير بعدم صحة الفيديو لمن أخرج الفيلم فقط.

هناك بون شاسع بين من درس أو أمتهن الإعلام وتعلم ما معنى المصداقية، وبين من أتى ليمارس صنعة لا يعرف أبعادها، ولا يحترم أعرافها آو سياساتها، ويحاول أن يحقق شيء عبر الخداع والعناوين المضللة، وكأنه يرتقب عالم الصحافة الصفراء والتي تركز على الإثارة مع عدم وجود مصداقية.

الإعلام الجديد بدأ في التضخم بشكل سيء، ومن يبدأ بسبر أعماقه يتوجه إلى الناحية الأخرى من الحقيقة، وينتهج نهج التضليل والتجني، ويسلك سبل الصحافة الصفراء، بعيداً كل البعد عن أخلاق المهنة، قريباً جدا من عدم المصداقية، وكأننا خرجنا من عبادة الإعلام التقليدي لنقع في هوامير آخرون يبحثون عن الشهرة على حساب المعتقد.

للإعلام سياسات لابد أن تتبع، من أهم هذه السياسات الحرص على المصداقية، ونهج طريق الحياد، ونقل الخبر بتجرد بدون أن تدرج رأيك الشخصي فيه، وللأسف لا يتبع جيل الإعلام الجديد إلا ما ندر هذه السياسات التنظيمية التي ترتقي بالصنعة لم يراعيها، وللأسف هناك من أخذ على عاتقه أن يكون المتبني للإعلام الجديد، وهو يحاول أن يخلق مشهداً آخر لسياسة القطيع.

مع كل التحولات يأتي من يغيب العقل، ويريد من البشر أن يتبعونه بدون أن تقال كلمة، وبدون أن تكون لهم حرية، وكأن الأمر استمرار لسياسة الغصب والقهر.

الإنترنت أخرجت العقل العربي من براثن التغييب، ولكن من حاولوا أن يساهموا في هذا التحول نراهم اليوم مغيبين، ويمارس آخرون سياسات مختلفة عن السابقين، وكأن زمام الأمور قد فلت، فلا تعرف من لديه الحق.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.