عزيزتي الرياض.. هرمنا


(١)
لو تتأمل الرياض من حولك بالتأكيد لن يرضيك تطورها، دائماً نراها أقل من المستوى، لا نراها مدينة تستحق أن تكون عاصمة لبلد النفط، ليس لأنها لا تحتوي على نقل عام، وليس لمشروع قطارها المترهل الذي شارف على الشيخوخة من طول المدى بسماع صيته، ومع ذلك لا أثر له، وليس لأنها لا يوجد فيها وسائل ترفيه، وليس لأن سكانها لا يعطون الطريق حقه، وليس لأي شي، هي فقط مدينة ترهلت مع الأيام حتى شاخت فلم تعد قادرة على الصمود أمام تحديات الحضارة.

(٢)
نهاية الأسبوع الزحام في كل شبر في الرياض، ليس السبب خروج أهلها للآسواق، وإنما السبب زوارها من المحافظات القريبة، أو التي تبعد ٣٠٠ كيلو لكي يتبضعوا منها، فمحافظات منطقة الرياض لا تحتوي على أسواق جيدة، أو حتى مطاعم نظيفة، والرياض المدينة هي المنقذ لهم من سوء التخطيط، وسوء توزيع التنمية، وكلما إتجهت جنوباً من الرياض كلما كانت التنمية أقل.

(٣)
ليس السبب في عدم وجود التنمية فقط تقصير المسؤول، وإنما أيضاً من أصحاب النفوذ من شيوخ القبائل، فهم تعودوا على أن الدخل يكون لهم من نصيب، حتى لو أدى الأمر لغصب أفراد القبيلة، والدخل يأتي من خلال المطعم والسوبر ماركت إن جازت التسمية التي يمتلكها، وتنتفخ جيوب هؤلاء ويبقى الوطن رهينة لجاهلية الآباء، وقسوة الصحراء، وظلم ذوي القربي.

(٤)
أيتها الرياض كم أنهك جسدك العليل مرور ٣٠٠ شاحنة يومياً عبرك ذاهبه للقصيم فقط، وكأنه مكتوب علينا أن نرى أرتال الشاحنات قابعة على حدودك تنتظر أن تأذني لها بالدخول في المدينة والمغادرة إلى مدينة أخرى، وكأننا مكتوب علينا أن نعيش الطفولة والشباب والكهولة بدون أن نرى قطاراً واحداً يحمل البضائع، أو يسافر بالركاب.

(٥)
قالها “ما أرق ليل الرياض”، ولكن مع هذه الشاحنات التي تمخر المدينة من بعد العاشرة مساءً فأين ستجد الرقة، أين ستجد الهدوء، أين ستجد السلامة، ترى ألا يمكن أن نسرع قليلاً بإنشاء الطريق الخاص بالشاحنات، أم أننا ألفنا سيرهن بيننا وتعطيلهن للحركة المرورية، وتضييع الوقت على أصحاب التجارة حتى أصبحنا ندفع ضريبة تأخر الشاحنات بزيادة في الأسعار.

(٦)
عزيزتي الرياض لقد هرمنا..

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.