“ياسمين الخالدي” بنصفها السعودي قضية ذات


في رحلة العودة من الفلبين لم أجد أي حجز على الطيران السعودي أو الخليجي، وما وجدته هو حجز على طيران الفلبين، جلس إلى جواري خلال الرحلة رجل سعودي أفرط في الشرب كثيراً، ومع ذلك ما زال يطلب من المضيفة المزيد من الشراب، تلك الرحلة كانت أسوأ تسع ساعات في حياتي، حجم الإزعاج والإحراج الذي سببه لي هذا الرجل لا يماثله شيء في العالم، كانت أول صدمة لي قبل أن أصل إلى بلدي بعد غياب طويل في اليابان، وكم هو مؤسف أن تستقبل بمثل هذا المنظر.

من حديثي مع الرجل قال إنه متزوج من فلبينية، وله أطفال منها، وأنه يعود للفلبين بين الفينة والأخرى، لم أهتم لهذا الموضوع وأهملته ربما لأني تضايقت من الرجل ومن تصرفاته على الطائرة، ولم أتذكر هذا الموضوع إلا بعد ما أثير في تويتر حول السباحة الفلبينية “ياسمين الخالدي”، والتي يدل اسمها على أصول خليجية، إلا أن ما أشارت له إحدى الصحف الفلبينية بعبارة “نصف سعودي ونصف فلبيني” عند التعريف بها تؤكد أصولها السعودية.

تحامل المغردون في تويتر كثيراً على السعوديات المشاركات ضمن الوفد السعودي في الأولمبياد، بوصفهن بعدم التمثيل للسعودية أو بألفاظ تخدش الحياء، إلى أن أتت هذه السباحة لتقلب الطاولة على هؤلاء، وتبرير أنصار السعوديات هو أن هذه تصرفاتكم أيها السعوديون تتزوجون في الخارج وتنسون أبناءكم.

مشكلتنا كسعوديون نبحث عن “الوناسة” في خارج ديارنا بشتى الطرق وكافة الأساليب بل حللنا بعض تصرفاتنا الخاطئة عن طريق زواج المسفار وغيره من الأساليب، المشكلة ليست حديثة فمنذ أكثر من عشر سنوات قرأت تحقيق صحفي على حلقات نشر في جريدة الرياض بعنوان “(الزواج الدولي) يشرع أبوابه أمام المواطن ليوقعه في مستنقع موحل!” تناول فيه الزميل محمد السهلي الطرق التي يفعلها السعوديون في أكثر من دولة لكي يبتعدون عن الحرام بالزواج هناك من قاصرات لمدة محدودة ومن ثم بعد العودة للسعودية يكون الطلاق من نصيبها، غير مبالين إن كان في أحشائها شيء، وبعضهم كما صاحبنا السابق يتزوج ويستقر ويعيش.

هذا الموضوع على طاولة النقاش منذ سنوات عديدة، وللأسف هناك أعداد كبيرة من أطفال سعوديون لأمهات أجنبية في دول متعددة لم يتخذ أي إجراء لنصرتهم وإخراجهم من وضعهم المأساوي، ويبقى الأبناء السعوديون في الخارج تحت تأثير الأم، فإن كانت ذات تعليم وحريصة على أبنائها فهم يخرجون أفضل بكثير من وضعهم لو عاشوا في السعودية، أما لو كانت الأم غير حريصة فهم دائماً ما يقعون في فخ الرذيلة وتفكك الأسرة والفقر.

لا نستطيع الجزم بحالة ياسمين فلا نعرف كيف كان أباها، ولا الحقيقة كاملة عن وضعها سوى ما أشارت له الصحيفة الفلبينية، ولكنها بلا شك من الحالة الأولى التي تكون فيها الأم حريصة، فدرست ياسمن في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ أن كان عمرها ثلاث سنوات مارست السباحة، وحرصت على تطوير موهبتها فيها لتحقق الكثير من الميداليات، وهي بذلك نجت من واقعنا السعودي، ومن مواجهة عادات وتقاليد لا تسمن ولا تغني من جوع.

كانت ياسمين حرة لا تربطها أي علاقة بالمجتمع السعودي، نشأت وأبدعت فحققت ما تريد، ولم يمارس ضدها أي تعنيف لفظي أو جرح للمشاعر كما يفعل بعض ضعاف العقول في حق السعوديات المشاركات في الأولمبياد، واستمرت ياسمين في منعه من هؤلاء إلى أن عرفها السعوديون ليمارسوا في حقها كل أنواع التعنيف اللفظي.

ياسمين الخالدي هي نموذج لا أقول لإهمال أب فنحن لا نعلم عن ظروفه شيئاً، ولكنها نموذج لحرص وإصرار أم، وتحرر من القيود ورغبة في النجاح، ياسمين الخالدي هي نموذج يُعري كل العقول الضعيفة التي لا ترى أبعد من شراك نعليها، عقول تمتاز بالعنصرية البغيضة، وتدمر كل جميل في الوطن.

ياسمين الخالدي و سارة عطار و وجدان شهرخاني أنا فخور بكم..

حلقات تحقيق الزميل محمد السهلي حول (الزواج الدولي) يشرع أبوابه أمام المواطن ليوقعه في مستنقع موحل!
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة
الحلقة السادسة
الحلقة السابعة
الحلقة الأخيرة

4 قراء تعجبهم التدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.