جني بسروال تحتي أحمر.. (للكبار فقط)


لم يكن الطقس الحار سوى نذير عن معاناة جديدة في هذا البلد الذي تعودنا على كل غرائبه، على حره ومطره وبرده، حتى المطر يا سادة مختلف بالرغم من ندرته وكمياته القليلة إلا أنه يشل الحركة تماماً، ويعمل أقوى من أي جهاز لكشف الكذب والفساد والظلم والجور..

عقارب الساعة تشير إلى الخامسة عصراً مازلت أمارس كل أنواع الإخلاص، لوحدي في المكتب، أمارس شيئاً من الحب للعمل، أستمتع في ذلك، بالرغم من قسوته، هذا العمل الذي بدأت أكرهه الآن ولا أرغب في الاستمرار فيه، بعد أن أصبح مرتعاً للطرق الملتوية والتلاعب في البشر..

هذا الصمت الرهيب الذي لا يخرقه إلا صوت نقراتي على لوحة المفاتيح، ونحن السعوديين نستمتع بتعذيب الأزرار وكأننا تعودنا على ممارسة العنف مع من نحب، لأن من نحبهم يمارسون العنف معنا ليس فقط على الصعيد الشخصي، وإنما على كافة الأصعدة وبدون استثناء..

هذا الهدوء المريب، والجميل أيضاً.. لا يقطعه إلا إلحاح الطبيعة البشرية على هذا المسكين الماثل أمامكم، والرغبة الجامحة في ممارسة حقي البشري في الذهاب لغرفة الراحة، حاولت أن أتصبر قليلاً حتى أنهي الفكرة، فالبرمجة كالكتابة تحتاج إلى ذهن خصب، إلا أن الخصوبة لا تأتي مع الارتواء، قررت قطع حبال الأفكار والتوجه إلى غرفة الراحة، استعجبت من كون باب الخلاء ليس مفتوحاً بالكامل، وضعت يدي على الباب لفتحه والدخول، المرآة تكشف لي عن شخص عاري في دورة المياه.. تراجعت.. ارتعت.. ارتعدت فرائصي.. بدأت أتحسس ملابسي هل أصابها بلل، ما الذي دهاني، هل هي خيالات البرمجة والكتابة، أم أنه شخص من عالم الجن يمارس حقه الطبيعي في استخدام غرفة الراحة أيضاً..

هم يقولون أن مقر العمل مسكون، أسمع القصص المرعبة كل يوم، أحدهم قال لي أنه في الثالثة فجراً رأي فرقة موسيقية تعزف في مكتبي، والآخر قال أنه رآه يستخدم مكتبي، ويجلس على الكرسي الخاص بي، وقد خلع رأسه ووضعه على ركبتيه وأخذ ينظف شعره من القمل ويرميها هنا وهناك، في مكتبي، لم أصدق كل هذه الخزعبلات، ولكني أراه واقع أمامي..

تحسست ملابسي مرة أخرى، ما زلت متماسك لم يصيبها بلل، تذكرت عندما أدخلنا الإنترنت أول مرة إلى العمل، كيف كان يومي شاقاً وأنا أجهز خادم الإنترنت وأتأكد من سلامة الدوائر الهاتفية، مكثت في العمل من السابعة صباحاً إلى بعد صلاة الفجر من اليوم الثاني، في ذلك اليوم كان هناك شخص يناديني باستمرار، وبقرة تعزف سيمفونيتها وكأنها رحمت جوعي وتريد أن تطعمني من حليبها، ولو كنت حينها قد سمعت عن فتوى العبيكان لتأكد من أنها جنية تريد إرضاعي لأكون محرماً لها، خيلات وأفكار وأوهام وأنا لا أملك إلا تحسس ملابسي هل أصابها بلل أم لا..

تشجعت قليلاً أريد أن أرى من بالداخل، ربما هي مجرد خيالات عابرة، تشجعت ولكن ياللهول هذا الجني يرتدي سروالاً تحتياً أحمر، معقولة هل هو جني أم جنية؟!، أم أنهما الاثنين معاً، ويمارسان حقهما الطبيعي في الحياة، لكن جميع المكاتب في كنبات مريحة وأولها مكتبي، لماذا لم يمارسا الحب في أي مكتب؟، لوهلة اعتقدت أن حياة الأزواج في عالم الجان ليست مثل عالمنا، أم أنهما هاربان من قيود مجتمعهم، ومن العادات والتقاليد المقيتة، إلى عالم الحرية حتى لو في دورات المياه..

بدأت أستجمع قواي بعد أن خارت تماماً، وأحاول أن أقف فما زالت قدماي لا تساعدني على النهوض، تحسست ملابسي مرة أخرى هل أصابها بلل؟.. وليتني لم أتحسسها، ولكنه البحث عن الهاتف النقال أجبرني على ذلك، وجدت هاتفي أخيراً.. اتصلت بمدير الصيانة.. ومدير الأمن.. لنجدتي..

بدأت أبحث عن رقم هيئة الأمر بالمعروف أيضاً، أليس ما يمارسه هذا الجان شيء خادش للحياء العام، أم أن الهيئة لا تمارس ضغوطها إلا علينا نحن المساكين المغلوبين على أمرنا..

تنفست الصعداء ها قد أتت النجدة.. وأنا ملقى على الأرض والماء من حولي.. وفرقة الإنقاذ لا تدري أتنقذني أم تضحك على حالي.. تشجع أحدهم.. فتح باب دورة المياه ويال هول ما رأى!!..

بدأت الوجوه يعلوها السواد.. جميعهم يحمدون الرب أنهم لا يريدون ممارسة حقهم الطبيعي في استخدام غرفة الراحة، لأنهم وبلا شك سيصبح مصيرهم مثل مصيري.. رجل أسود يخرج من دورة المياه يرتدي سروالاً تحتياً أحمر.. دقات قلبي تتسارع.. الماء من حولي يزيد.. صمت مطبق.. جني في وضح النهار.. لماذا أيتها الأرواح الشريرة؟، لماذا تعبثين بنا؟، لكي المساء بأكمله.. ودعينا في النهار..

ضحكة تجلجل الآفاق.. هذا راجوا عامل التكييف!، مدير الصيانة يسأله لماذا هذا الفعل المشين، يرد بكل برود “من العاشرة صباحاً وأنا على سطوح المبنى أعبئ أجهزة التكيف بالفيريون، والشمس أحرقتني فأردت أن أتبرد بالماء”.. وليته لم يقل الماء فالجميع ينظر نحوي.. والماء من حولي..

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

12 تعليق

  1. اخي العزيز مع كامل احترامي لك و جهدك و اتمنى ان تتقبل نقدي لك. مقالتك مالها اي داعي و كان الانفع لك لو استغفرت ربك. أنا اعرف لك مقالات جيده ولا استطيع ظلمك. لكن هذه المقالة ليست حتى مضحكه. ولا يوجد فيها عامل لإثارة.

    اتمنى ان نرى لك كتابات أخرى افضل و حظ موفق

  2. بدون مجاملة ؟ أنا أعتقد اللي ينتقد راح يتقبل النقد بصدر رحب جدا جدا جدا ً ؟

    :/
    امممم ؟

    – يعني السالفة حقيقية وانت مأكشنها شوي ؟

    – والا السالفة خيال في خيال ؟ يعني قاعد تتدرب تكتب رواياات أو قصص قصيرة ؟

    – والا هي سالفة رمزية وانت حبيت تدخل فتوى العبيكان، و نكتة غير مضحكة ع السريع عن الهيئة ؟ و يعني حركاااات (فيس يصففففّر) ؟

    – والا حبيت تكتب تدوينة تعطينا مثال على التدوينات اللي مامنها فايدة ؟

    ياخي ما فهمت شتبي بالضبط ؟
    🙂

    وحبيت أباركـ لكـ ، اسم التدوينة يشد الانتباهـ ، تذكرني بمجلات وبرامج الفضائح ..!

  3. رهييييب مررررة
    والله أني انشديت لآخر درجة
    بس صحيح العبيكان والهيئة ما لازم تدخلهم
    اما عليك أسلوب تشويق روعة
    يا أخي اشتغل في الخراج الأفلام تراها مكسبة
    أحسن من عملك اللي بدأت تكرهه

    تحياتي

  4. قصة اعتقد ان الهدف منها ايصال بعض الرسائل (فتوى ارضاع الكبير – الفساد – انتقاد الهيئة ..

  5. سرد جميل وموفق 🙂 ..
    ! اعتقد اننا نفتقد تدوينات القصص القصيرة ! بذلك فسرت ردود فعل بعض الاشخاص الذين قاموا بالرد السلبي .
    الرسائل التي تصل للقارئ تختلف من شخص لاخر للجميع وجهة نظر تختلف عن الاخر ! وقد تكون للمتعة فقط ليش هناك عيب في ذلك نحتاج ان نرفه عن انفسنا وعن الاخرين .

  6. كثيرا ما اتردد على المدونه بسبب اعجابي بتدويناتك
    اما هذي؟
    اسفه على الكلام بس اشوفها- مصاله على تمطيط بالسالفه ماله داعي-
    وغير كذا الجني اخبره ابيض شلون صار اسود
    ما حبيت اسلوبك بالتدوينه خصوصا تشويقك ذكرني بسبب بعدي عن الروايات والكتب الممله !

  7. ههههه مقااال مضحك بصرراحة ..
    أحسك ودك تسب الهيئة وفتوى الشيخ العبيكان ..
    بس منت عااارف ..
    أتقزز وأنا أقرا هالقصة ..

    حاوول تتعلم تكتب زي الناااس ..
    مقالاتك أللي قبل أفضل ..

    لكن أتوقع مفردة “للكبار فقط” تجلب زووار لمدونتك كثير ..
    وعشان كذا كتبتها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.