الجزيرة

بعد وليمة دسمة أشتد فيها العراك بيني وبين طبق الأرز ودجاج ازدان صدره وحلي وركه، تجرعت كوباً من اللبن البقري الرائب واتكأت أستمتع بصراعهم داخل أحشائي، تنفست الصعداء وأخذت حرب “الرموت كنترول” رحاها، فمن جهاز لآخر ومن فضائية لأخرى، فتيك تميل وأخرى تطربني صوتاً، وأنا بينهن “أغرق”، بل “أتنفس من تحت الماء”.
وجفني يكاد يطبق والرموت كنترول ينبض بشده في يدي، أوقفني برنامج حواري ضيوفه إعلاميون لمعان الصراحة في جباههم فهم للحرية رموز نجومها تتوهج، والمقدم كلمة مفترس قليلة في حقه.
يتبادلون الحديث حول الحريات، ويالها من حريات يتراشقون بها ويزعمون أنهم فوارسها، صراع مرير يذكرني “بصراع الديكه” فبين زمجرات هذا وصراخ الآخر يزيد المذيع النار لهباً،  فكلاهما يرغب بهامش أكبر من حرية التعبير واحترام الرأي، بينما لا نشاهده يعطي غيره هذه المساحة الغائبة، أما مذيعنا الأنيق يحاول أن يزيد البلبلة ولا يحاول أن يكون نتيجة هذا الحوار حلولاً واقعية أو هوامش لها على الأقل.
يبدوا أننا فقدنا ثقتنا بأن نصنع حلولاً واقعية لما نعانيه من هموم وتحديات، وإعلاميونا الذين من المفترض أن يكونوا أصحاب مبدأ واضح، فهم الواعون الموجهون للمجتمع أصحاب الحريات نراهم دكتاتوريون مع حقوق يطالبون بها ولا يطبقون أسهلها، واقعيون مع أنفسهم دكتاتوريون مع واقعهم.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.