الخيانة التقنية

متى ينتهي طابور الملف العلاقي؟
اعتمدنا على التقنية حتى أننا أصبحنا لا نستغني عنها، وأصبحنا نتهاون في تنفيذ بعض الأمور حتى يأتي الموعد الأخير، لا لسبب وإنما لأن التقنية معنا على مدار الساعة، متناسين أنه ربما تصاب الخوادم بوعكة عاجلة، أو تتأثر الإنترنت لأسبب من الأسباب، وعندها نخسر كثراً من الوقت والجهد والمال، وتتأثر الأعمال ونخسرها.

هذا النوع من التعطل الذي يضر بك في وقت حرج أسميه “الخيانة التقنية” وكثيراً ما تحدث لنا، سواءً كان ذلك بأبسط صورها وهو انتهاء البطارية، أو بأعقد صورها وهي ضرر الخوادم أو انقطاع الإنترنت، وهناك نوع آخر من الضرر، وهو الأخطاء البرمجية التي تحدث أحياناً في الوقت الضيق، وتؤدي إلى تعطيل كل مباهج الحياة.

بالأمس كان اليوم الأخير لسائقي في المملكة، وتأخرت كثيراً في إصدار تأشيرة المغادرة له إلى صباح اليوم الأخير، وعندما فتحت نظام “أبشر” لتنفيذها، إذا بتيك الرسالة الحمراء وكأنها وجه شيطاني يظهر أمامي، فرحاً بأنه أضر بي، ويطلب مني مراجعة الجوازات.

لم تبقى إلا ساعات على مغادرة السائق، وإذا لم أتوجه للجوازات على الفور فهذا يعني أنني خسرت تذكرة السائق، وخسرت رحلة كاملة، وتعرض لسيل مع الإشكالات مع السائق، فهذه هي الخيانة التقنية العظيمة، التي لا تبقي ولا تذر، تضرنا ولا نستطيع معها إلا العودة سنوات ضوئية للوراء، ونتذكر الملف العلاقي، والطابور، والعريف يصرخ في وجه المراجعين غير مبالي بشيء.

يا لها من خيانة كبيرة أيتها التقنية، فعندما تمكرين تقف النساء حائرات أمام مكرك، ولا أحد يستطيع أن يعالج هذا المكر إلا بالعودة للعصور الورقية.

راجعت الجوازات وانتهت المشكلة بحفنة من أوراق الاثباتات المصورة، وتعبئة عدداً من النماذج، ليصدر الموظف التأشيرة، ويطلب مني المغادرة، بدون أن يكون لي أي حق في معرفة سبب المشكلة ولا مسببها، بل وقال أنه يجب علي أن أعود للجوازات لأنفذ أي أعمال لها علاقة بسجل هذا السائق، الحمد لله تجاوزنا الخيانة التقنية، بعد أن تركت أثرها النفسي علينا، والحمد لله أن هذا الأثر لم يتجاوز ليكون مادي.

التقنية ليس الحقيقة التي لا تقبل الخطأ، وليست الصواب الدائم، هي تتعثر مثلها تماماً كالبشر، ولكنها إن تعثرت فقد أضرت بالجميع، وهذا يعني أنه لا بد من أخذ جميع وسائل الحيطة والحذر، والأمن والأمان، مع الإنترنت، فمنذ اليوم قررت عدم الوثوق بالتقنية وتأجيل الأمور إلى وقتها الأخير.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.