الهيئة والورد الأحمر.. أصدقاء أم أعداء

الهيئة توزع الورد الأحمر صباح عيد الفطر المبارك 1436
كثيراً ما تناولت في هذه المدونة تصرفات الهيئة السلبية، وتحدثت عنهم وانتقدتهم كثيراً، ولكني اليوم أجدني أرفع لهم القبعة أعجاباً بصنيعهم، وتقديراً لمجهوداتهم، فما فعلته هيئة الأمر والمعروف والنهي عن المنكر بالرس من ابتكار لطريقة التهنئة بالعيد جعلتهم أكثراً قبولاً في أنفسنا من ذي قبل، فالدين لا يرغب فيه الناس من خلال العنف، وإنما من خلال المعاملة الحسنة والكلمة الطيبة.

هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استقبلت الناس في مدينة الرس السعودية بعد صلاة عيد الفطر بالورود الحمراء والحلويات، فعند الإشارات كان “المطاوعة” بذات الزي الذين يرتدونه عند الوعظ مختلفين تماماً حيث تعودنا منهم القسوة والفضاضة والعبوس، ولكن هذه المرة وجدهم المجتمع مبتسمين وعلى وجوههم البشاشة، ويعايدون الناس بابتسامة وبوردة حمراء، وكأن الحياة تغيرت للأفضل.

هذا الأسلوب الجديد من الهيئة يثبت لنا أن أمة محمد لازلت بخير، ففي أوقات سبقت كانت الهيئة تحارب احتفالات شبابنا بعيد الحب من خلال منع المحلات من بيع أي شيء أحمر، ومصادرة أدنى الحريات، وهي حرية التعبير عن الحب، وكأن الثقافة لا بد من محاربتها بالقمع والتسلط والجبروت، حتى ضننا أن الهيئة تعادي الأحمر، بينما هي تحارب هذه الثقافة الدخيلة على ديننا، وأخذت أكبر من حجمها بهذه المحاربة.

بينما الصحيح أن تحارب الثقافة بثقافة مثلها، وهذا الذي فعلته هيئة الرس عنوان جميل جداً لنشر ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافة عيد الحب، ثقافة صلة الرحم، وثقافة تهادوا تحابوا، وثقافة وابتسامتك في وجه أخيك صدقة، نعم إنها ثقافة الاسلام، وثقافة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، التي لا نحن نصرناها ولا نحن نشرناها، بل حاربناها بطريقتين الأولى بالثقافة الدخيلة، والثانية بغلظة تصرفاتنا.

الكثيرون استغربوا تصرف الهيئة، حتى أن المقطع الذي انتشر في الإنترنت كان عنوانه “الهيئة جابت العيد”، وعندما يقترن اسم “العيد” بأي أمر آخر فهذا يعني لدى الشباب أن المقترن بالعيد أتى بكارثة، فهل يعقل أن نحارب ثقافتنا بأنفسنا، الهيئة خالفت الصورة النمطية المرتسمة لدى المجتمع عنهم من خلال هذا التصرف، وكأنها تقول نحن نحب الأحمر، ونعشق الحياة، ونحتفل، ونضحك مثلكم، ولكن في طاعة الرحمن.

تصرف هيئة الرس يثبت أن ثقافتنا لها عمقها الكبير، وثقافتنا قادرة على احتواء كل التغييرات من حولنا، وقادرة على تغيير المجتمع بأسره إلى الأفضل، لكن نحن من نحاول وأد هذه الثقافة بإدخال عليها معتقدات الغرب، فلماذا لا تتخذ جميع فروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع مدن السعودية هذا الأسلوب المبتكر، وفي كل اسبوع وبالتحديد يوم الجمعة تقوم بتوزيع بعض الهدايا الرمزية في الأسواق أو المساجد أو عند الإشارات وتذكر الناس ببر الوالدين، أو بصلة الرحم، أو بمكارم الأخلاق، وغيرها من ما اندثر من عباداتنا التي قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فيها “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

شكراً هيئة الأمر بالمعروف بالرس فقد أثبتي أن ثقافتنا قادرة على التكيف مع الزمان والمكان.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

  1. جميع الجهات صاحبة السلطه التنفيذيه هيئه او شرطه او جوازات الى اخره فيها الاجابيات وفيها السلبيات. فيها من يعتقد ان من حقه اضطهاد الاخرين ويعتقد انه مخول من الدوله بتنفيذ العقاب بالضرب او التشهير في موقع الحدث، ولكن لا نغفل عن ان فيهم من يقدر عمله ويعرف حدود تصرفاته وصلاحياته.
    اعتقد ان جانب التدريب بالتعامل مع الاخرين مهم ويجب على المسؤلين في القطاعين العسكري والمدني رفع كفاءة موضفيها بطرق التعامل مع المواطن وشرح حقوق المواطن كامله.

    ابدعت بمقالك اخي محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.