تلاوة فيروز.. وتراتيل طلال


صوت فيروز النقي مع الصباح يبحر فيك في بحر الهدوء، تتلقفك مره بعد أخرى أمواج التأمل، وكأن ترتيل فيروز شيء أتى من المسحيل ليعطر الأنفاس من حولنا، ويبهج محيانا وهي تغني “يا جارة الوادي”، أو “رنة خلخالي”، هي فيروز وهو وقت مصارعة ألم القلب، والتحني عن قوة الحب، لتبقى مع هذا الصوت منجرف بكل أحاسيسك نحو الأمل في الحياة.

تلاوة فيروز ليس كمثلها شيء، نغبط أهل لبنان على أن فيهم مثلها، ومع أنهم لديهم هذا الصوت الجبلي الفاخر، فنحن نمتلك قيثارة لا يشق لها غبار، نمتلك طلال مداح “رحمه الله” ثروة تفوق ثروتنا البترولية ولكن لم نستثمرها بشكل صحيح، ثروة رحل صحبها وأبقى لنا إرثاً كبيراً منها، وحتى الإرث لم نحسن استغلاله.

الفن عملة نادرة لم نحسن الاستفادة منه، ومجتمعنا مستمر يرفل في غيه، شاهدنا كيف يعرف الجميع دولة البرازيل من خلال رقصة السامبا، والأرجنين من خلال التانغو، وغيرها كثر، رينا كيف تقدم الأفلام صورة عن الأمريكين على أنهم شعب يحب التطور، وكيف تقدم الأماكن في أمريكا وتروج سياحياً من خلال الأفلام، وكيف تصل الرسالة والصورة والحقيقية والواقع من خلال الأفلام.

الأفلام هي أكبر دعاية تقدم للدول، والفن يصنع هذه الدعاية بابداعاته المتعددة، فلما كان لدينا “طاش ما طاش” بالرغم من أننا لا يرضينا ما كان يقدم هناك إلا أنه أوصل صور كثيرة عن مجتمعنا بسلبه وإيجابه، رأينا الخليج والعرب كيف كانو يتابعون ويتأملون.

محمد حمزة هو الآخر قدم من خلال مسلسلاته العربية فكرة مختلفة عن المجتمع السعودي أين من يقدمها الآن، ولم يقدم محمد حمزة كما يفعل فنانو هذا الزمان الذين يشرقون ويغربون ويقدمون الفن لدول أخرى وبلهجتهم، كانت مسلسلات محمد حمزة لها طعم ونكهة خاصة، قدم الفن بأريحة، وأضهر المجتمع السعودي ببساطته محاولاً البحث عن موقع لهذا الشعب في قلوب الشعوب الأخرى.

“مقادير” طلال مداح هي الأخرى غناها كل العرب، وكأنها نشيد وطني للعرب، وغيرها الكثير من الفن الجميل الأصيل، فن بدون تكلف ولا رتابة، فن خرج من داخل القلوب ووصل إلى داخل القلوب، “حزم الضامي”، “عودة عصويد”، والمطربة توحة، والمطربة ابتسام لطفي، وذاك الزمن الجميل.

أما الآن أين هذا الفن، مجرد أسخاص يتراقصون على أنغام يقلدون أشخاص آخرين، ولا شيء جديد، لا تقديم صورة حسنة عن مجتمع، ولا تقديم فكر، وبدون أي رؤية وهوية، خرج الفن المهضوم حقه منذ زمن عن طبيعتها، ليكون فقط وسيلة للتندر والفكاهة بدون هدف.

الفن لدينا كان يحتضر والآن إنتهى ولم يبقى منه إلا التهريج.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.