سجادة “ساهر” الحمراء وخصر “المزيون”..


منذ أن بدأت أجهزة ساهر تنتشر في ارجاء الوطن معلنة نهاية حقبة من التهور، وزمن من بطش الشباب، وأنا أحاول أن أبذل قصارى جهدي لكي لا أكون تحت أضواء الفلاشات، وبالفعل التزمت بعدم تجاوز السرعة، قلت لعلي أكون قائد المركبة المثالي في المملكة، فربما يأتي يوم ويقرر المرور أن يمنح المثاليون آيبادات أسوة بمرور دبي، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.

في ذات يوم وقد بلغت الرغبة في تلبية نداء الطبيعة ذروتها، توقفت عند الإشارة في أقصى اليسار لأنه في الجهة المقابلة مسجد ما تزال دورة المياه المرفقة به مفتوحة، ولكن تذكرت أن في الجهة اليمنى مطعم دورة المياه فيه نظيفة، فالنظافة مطلوبة، انتظرت ولكن ما من مفر، فأنا بين نارين قطع الإشارة أو سخرية البشر.

قررت سريعاً أن أذهب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين فجأة وبدون مقدمات، لعلي أن لا أكون عرضة للتندر في كل مكان، وإذا بي أقع تحت أضواء الفلاشات، وكم هو جميل أن تكون في هذا الموضع، شعور تمنيت لو جربته من قبل، فكاني على السجادة الحمراء في مدينة “كان” الفرنسية وعدسات المصورين ترمقني بنظراتها، وتزيدني غروراً.

تخيلت نفسي “جوني ديب” وقد أحاطت ذراعه بخلفية “بينيلوبي كروز” على السجادة الحمراء، والكل ينظر إليه ويتمنى أن يكون مكانه، فما أجمل أن يحيط بك الأحمر وخصر “المزيون”، يا لي من فتى رائع، تتمنى كل فتيات العالم أن أرمقهم بنظره، أو أغمز لهم بغمزة، أو أرسل له قبلة لاسلكية.

شعور لا يضاهيه شعور، ندمت بعده على أنني كل تلك الفترة كنت مغلوب على أمري أطمح بأن أكون قائد مركبة مثالي، تأملاً في آيباد المرور الذي لن ولم يأتي، فنحن هنا تعودنا على كلمة “هات”، وعندما نسمع كلمة “خذ” فهي لتغريمنا أو رفع الأسعار.

شعرت بالنشوة الجميلة والرغبة العارمة في إيقاف السيارة في وسط ميدان الإشارة وعلى سجادة “كان” الحمراء والابتسام للمصورين، فقد دخلت أبواب الشهرة من أوسعها فمن لا يلمس خصر “المزيون” فهو في جحيم، وصوت الموسيقى يعزف ويشنف الآذان، ولولا خشيتي أن تأتي الهيئة وتوقف الأوركسترا لاستمريت في أحلامي.

وما إن أتت ذكرى الهيئة في بالي حتى ذهبت اللذة، وبدأت في البحث عن “المزيون” لكي أغطيها عن أعين البشر، فهي جوهرة مكنونة لا أريد أن يلمحها مطوع وتصبح هدفه القادم، تلفت إلى اليمين واليسار أيضاً أبحث عن الأوركسترا لكي لا يؤخذوني بذنبي، ولكن غفلتي خيلت لي أن منبهات السيارات هي الأوركسترا، والسجادة الحمراء ما هي إلا خيال في خيال، فلم أتمالك نفسي حينها من الضحك حتى أنني من شدته أصبحت عرضة لتندر البشر، وقررت الاستمرار في المسير إلى المنزل.

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.