الحياة الزوجية بدون منتديات..


استكمالاً لتدوينة الأمس “أحاديث عزاب.. (للكبار فقط)“، نخطئ إذا اعتبرنا الحياة الزوجية مسألة تحدي بين الزوجين، في أيهما يفرض رأيه على الآخر، وأيها تكون كلمته هي العليا، ولنا في عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة حسنة عندما قال “والله لقد بسطت منامي وطهت طعامي وتحملت أوزاري، أولا أحتملها أنا كذلك إذا رفعت صوتها في وجهي”، أَعلم أنه ليسَ كل الرجال كعمر، وليسَ كل النساء كزوجة عمر، وإنما بالموازنة الحسنة تسير الحياة..

في أول ليلة من الزواج يصبح مصير الاثنين واحد، وينسى كلاً من الطرفين حياته السابقة، ليتأقلم مع حياة أخرى قوتها مضاعفة، فالأمر ليس اعتماد من طرف على آخر، بل زيادة قوة لطرف بوجود الآخر، ويصبح من الصعب تحمل الحياة بدون الطرف الآخر، وقديماً قالوا “عزوبي دهر ولا عزوبي شهر”، ربما يكون هذا الأمر للرجال أكثر من النساء، إلا أنهن يفقدن الكثير من الاستقلالية بدون وجود الرجل كشريك حياة..

الحياة الزوجية عبارة عن شراكة بين رجل وامرأة، كلاً منهم يحمل نفس درجة قوة الطرف الآخر، لابد أن تتوفر في هذه الشراكة ثلاث عناصر هي الرحمة للطرفين والاحترام من الطرفين، والقيام بالواجبات والحقول من الطرفين أيضاً، لكي تسير سفينة الحياة وتنجح بعيداً عن كل المنغصات، اختلال أحد الثلاث عناصر السابقة يؤدي إلى فشل هذه الشراكة، وتحويلها إلى حياة أشبه بالجحيم..

إذا تعب أحد أفراد هذه الشراكة أو تألم، لا يتألم لوحده وإنما يتألم الجميع معه، من سهر على الراحة، ومتابعة مستشفيات، واختلال نظام هذه الشراكة، فالجميع مصيرهم واحد..

شعرة معاوية عنصر أساسي في الحياة الزوجية، حيث قال معاوية “لو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”، وهذا يعني أنه إذا كانت الزوجة في غاية الانفعال والعصبية، فلا بد أن يتحملها الزوج حتى تهدأ، وعدم مقابلة الانفعال بانفعال آخر، لأن ذلك من شأنه أن يزيد حجم المشكلة ويعظمها، ليصبح من الصعوبة حلها، والعكس صحيح لا بد أن تتحمل الزوجة انفعالات زوجها..

إذا أعتقد الزوج أن الزوجة مجرد عاملة منزلية، فلن تستمر حياة أبداً، فالتعاون حتى في أمور المنزل من نظافة وطبخ ومتابعة الأطفال مطلوبة من الزوج بشكل أساسي، وعدم التعاون من الزوج في مثل هذه الأمور أدى إلى اعتمادنا بشكل كبير على الخادمات، قال الرسول صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، كم هو جميل لو تفهم الرجل وضع البيت، وقام على خدمة بيته بنفسه، ووضع يده مع زوجته حتى تزيد هذه الشراكة قوةً ورونقاً..

إذا اعتقدت الزوجة أن الزوج مجرد كيس نقود متنقل، أو سائق، فلن تستمر الحياة بهذا الشكل، لأن التفكير المادي الطاغي على العلاقة الزوجية يفسدها..

لا يعيب الزوجة كونها عاملة، ولكن يعيبها عدم التوفيق بين العمل والمنزل، وتفضيل العمل على المنزل، فلنا في تجربة اليابان خيرُ مثال، فالمرأة العاملة هناك تقدم الحياة الزوجية على العمل، فمتى ما رأت أن وضع أسرتها يحتم عليها أن تترك العمل فعلت، لذلك نجحت الدولة، ولم تتأثر الحياة الأسرية بأمراض هذا العصر، فلابد من تقديم استمرار الحياة الأسرية على العمل، ولا بد على الزوج من تفهم وضع الزوجة العاملة..

المشاكل الزوجية يجب أن لا تغادر حدود غرف النوم، من وجهة نظري أن اتفاق الزوجين على عدم خروج مشاكلهم أمام الأقرباء، وحتى أمام أطفالهم، عنصر إيجابي يزيد من قوة ومتانة هذه الشراكة، ويبعد الأطفال عن العقد النفسية، فمن المستحسن للزوجين أن يناقشا مشاكلهم داخل غرفة النوم، ولا يخرجون منها إلا بعد انتهاء المشكلة، إلا عندما تتفاقم إلى درجة كبيرة، فهنا يصبح تدخل أحد الوالدين أمر حتمي، على أن لا ينشر الزوجين غسيلهما أمام الأصحاب ومنتديات الإنترنت..

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.