الأسرة.. التربية.. التعليم.. يا أحمد الشقيري!


قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فعندما علمنا الرسول الكريم هذا المكارم والتقت الأخلاق بالدين، تحقق العلم، فنبغ أجدادنا في كافة العلوم وفتحوا الأمصار في المشرق والمغرب، وعندما بدأنا نحن من بعدهم بعد أن تخلينا عن قيمنا وأخلاقنا في الانفتاح على الغرب لم نأخذ منهم سوى التمرد على الأسرة وعدم احترام الوالدين والخروج عن طاعتهم..

أتعرف يا أحمد الشقيري وأنت تستعرض تجربة اليابان في خواطرك كيف أستطاع اليابانيون أن يحققوا المستحيل في أربعين سنة بعد أن دمرتهم القنبلة الذرية، أعتقد من الصعب أن يفهم ذلك من أتى إلى ديارهم في زيارة عابرة ربما هي أقل من شهر أو يزيد، من الصعب أن نفهم كيف حققوا المستحيل في حين أننا نرفض تقبل حضارتهم ونفكر في الحضارة الغربية..

عزيزي أحمد نحن نحاول أن نستجلب ثقافة الغرب إلى بلادنا وننهل من معينها، نسعى إلى تحرير الأسرة وزعزعتها تأسياً بالغرب، في حين يحافظ اليابانيون على الأسرة وعدم خروج الأبناء عن إطاعة والديهم..

عزيزي أحمد نسعى إلى تحرر المرأة من البيت والتبرج والعمل خارجه، في حين تقوم أغلب اليابانيات بالتفرغ لمنزلها وتربية الأطفال وترك العمل بعد وصول أول مولود لها..

عزيزي أحمد نسعى إلى تحديد النسل أسوة بالغرب، الذي بدأ يجر ويلات ذلك في أوروبا وعالجه بالاعتماد على هجرات بعض الأجناس والأديان، في حين عندما كشفت الدراسات في اليابان أن نسبة كبار السن أكثر من الشباب شجعوا الأسر على تعدد الإنجاب، لإعادة الدماء الشابة للدولة..

عزيزي أحمد أتعلم أنه عندما تأسست أول وزارة للتربية والتعليم في اليابان عام 1876م رفعت شعار القضاء على أمية القراءة والكتابة في عشرين عاماً وبالفعل في عام 1896م قضت على الأمية، ونحن هنا نحاول أن نقضي على أمية الحاسوب قبل أمية القراءة والكتابة..

عزيزي أحمد أتعلم أنه لا يسمح للياباني بالعمل في أي مكان بدون أن يحصل على شهادة إتمام المرحلة الثانوية، ونحن كم لدينا من شاب لا يحمل إلا الإبتدائية أو المتوسطة..

عزيزي أحمد أتعلم أن أكبر إهانة لشركة يابانية هو أن يتركها أحد موظفيها لحصوله على فرصة أفضل في مكان آخر..

عزيزي أحمد ليتك زرت شركة فوجستو أو توشيبا فقد تدربت في الاثنتين ولاحظت كيف يعمل اليابانيين كفريق عمل واحد حتى أن طبيعة المكاتب تساعد على ذلك، وليس كل شخص بمفرده كما لدينا..

عزيزي أحمد أتعلم أن الوزير والفراش في اليابان يأكلون نفس الطعام ويشربون نفس الشراب كلهم سواسية، لا فرق بينهم..

عزيزي أحمد أتعلم أنه عندما بدأ اليابانيون يعجبون بالألبسة الغربية من بناطيل وقمصان مقابل الألبسة اليابانية التقليدية لم يقفوا في وجه التغيير وإنما اعتبروا أن هذه الألبسة تساعد على العمل والتنقل براحة، وأوقفوا استيرادها من الخارج ولكنهم قاموا بإنشاء المصانع لصناعة وحياكة هذه الألبسة ليستفيد اقتصاد الوطن بدل من أن تذهب الخيرات للخارج، في حين نثق نحن بالصناعة الرخيصة من الخارج أكثر من الصناعة الوطنية الغالية والمكلفة وقليلة الجودة..

عزيزي أحمد أتعلم أن اليابانيون يشكرون الناس ويقدرون تعاملك معهم حتى ولو كان ذلك بسيطاً، فعندما كنت هناك قام صديقي من على الكرسي المخصص لانتظار الباصات من أجل أن تجلس سيدة كبيرة في السن تنتظر أن يأتي زوجها، وما إن جلست حتى سألتنا أين نسكن، وعندما قدم زوجها تحدثت معه وأستأذته ومن ثم طلبت منا الركوب معهم لإيصالنا إلى سكننا القريب جداً من سكنهم، نعم يا أحمد هي قدرت ما فعله صديقي ولو أنه من حقها، في حين نقول نحن “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” ومع ذلك لا نلتزم بها نهائياً..

عزيزي أحمد مهما حاولنا أن نفهم الثقافة اليابانية أو أن نقلدها لن نستطيع أن نصل إليها بدون القضاء على أمية القراءة والكتابة في بلدنا، وأن نهتم بالأسرة أكثر، وأن نقضي على المحسوبيات ليصبح الجميع سواسية..

عزيزي أحمد لسنا بحاجة إلى منظرين، بل نحن بحاجة إلى أناس تعمل بجد لتعتلي بلدنا منصات الأفضلية بين دول العالم..

تدوينات ذات صلة:
يا أمة اقرأ..
حتى اليابان يراها المكفوفين ونحن لا نراهم!

13 قراء تعجبهم التدوينة.

Share

انضم إلى المحادثة

17 تعليق

  1. تدوينة رائعة أخي مجمد ..

    ومقارناتك أرى أنها أكثر واقعية من طرح الأخ أحمد الشقيري إذ أنه يطرح تساؤل بلا إجابة ويعيد صياغة المشكلة بأسلوب آخر مع بقاء هذه المشكلة ، أما طرحك هنا فهو علاجي من الدرجة الأولى وأيضا أكثر إقناعًا من غير فليس الخبر كالمعاينة ..

  2. فعلا .. في الوقت الذي نخطط فيه للوصول للمستقبل .. كانت اليابان قد سبقتنا إليه ..
    يعطيك العافية أخوي محمد .. نحتاج للكثير والكثير لكي نصل لعشر ماوصلت إليه اليابان ..

  3. الغايب الحاظر: شكراً لك، أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة تفكير في جميع أمورنا الحياتية، ومحاولة علاج المشاكل بطرق أكثر واقعية بعيداً عن المقارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع..

    جوانا: شكراً على تواصلك الدائم..

    عجائب الاجتماعية/ نحن نملك ثقافة غنية أيضاً، ونملك جذور راسخة في الأرض، ولكنا متخلفين فكرياً..

    HaDoOoLa: نحتاج إلى الفكر فقط وتقبل الطرف الآخر..

  4. السلام عليكم

    أخي الكريم , كلامك لا غبار عليه
    ولكن فاجئني أسلوبك في التهجم على الأستاذ أحمد الشقيري وهذا يشكل تناقضاً مع ما طرحته.

    الشقيري قام بإعداد 4 مواسم من هذا البرنامج قبل أن يذهب إلى اليابان ويقارن بلادنا التي تعيش في حالة مزرية مع اليابان.

    أعتقد أنك كغيرك قد تابعت المواسم الأربعة
    ألم تنتبه إلى أن المواسم الأربعة كان الهدف منها ترسيخ قيمنا الإسلامية ومبادئنا السامية والتي ما ذكرته أنت بعض منها ؟؟

    الرجل لا ينظر تنظيراً لا هدف منه.
    قد قام بطرح المشاكل وبالمقابل أبدى الحلول لهذه المشاكل
    فهل نسمي هذا تنظرياً ؟؟؟

    تقبل تحياتي

  5. اعتقد ان الفرق بيننا وبين اليابان هو

    العمل واحترام الوقت

    وانهم يطبقون ما يتعلمون ومايقولون

    بينما نحن راعيين كلام نتكلم ونتفلسف وننظر بدون عمل ومثابرة

    اما بالنسبة للثقافة والتاريخ بلا شك ان تاريخنا وثقافتنا اعظم واروع من اليابان بمراحل

    واخيرا يجب الا نعتز باليابان كثيرا لان بالاونه الاخيرة انتشرت لديهم التقليعات المجنونة والانحرافات الجنسية والانتحارات وبدا ظهور جيل ياباني سلبي

  6. اتعلم يمحمد المخلفي ان اسلوبك غير جميل
    اتعلم يامحمد المخلفي اني احس ان تحسد احمد الشقيري
    اتعلم يامحمد المخلفي ان موضوعك لو كان تكميليلا وتضامنيا مع احمد الشقيري لكان افضل بكثير
    اتعلم يامحمد المخلفي ان اليابانيين لا يتكلمو بالطريقة هذه

    ……….

  7. السلام عليكم
    اخي العزيز
    اينك .. قبل هذا البرنامج ؟
    الاستاذ احمد الشقيري .. عرفنا على سلوك اليابانيين
    والمشاهد تغني عن الاجابات
    امي التي لا تقرء .. اصبحت تعرف اكثر مني عن اليابان
    وذالك لسبب واحد هو .. متابعتها لذالك البرنامج
    كان للبرنامج هدف .. ونجح في ايصاله

    شكرا لك

  8. السلام عليكم….

    الاخ محمد

    لا اعلم ما سر تحاملك على الشقيري فوه شاب جيد يحكي لنا عن عالم اخر لنفتح ابصارنا ونرى اين الناس وصلوا انا شخصيا اعتبره حافزا لي في كل حلقة يضع علامه تعجب والاجابه منا نحن لان الاجابه عمل…

  9. اخي محمد المخلفي بعد السلام عليكم ورحة الله وبركاته . كلامك في مجمله جميل بل رائع واتفق معك في كثير مما قلته لكني اختلف معك في نقطة واحدة وهي الزي الغربي الحاصل على اعجاب اليابانيين والذي ذكرت انه من شدة الاعجاب قام اليابانيون بفتح المصانع لذلك الزي .. الذي شيئا فشيئاً سيتم ابداله محل الزي التقليدي .. لذا فهي فكرة سئية جداً كان الأجدر تجنبها التي سوف تأثر على تقاليد المجتمع بشكل تدريجي.حفظك الله ورعاك

    تحياتي
    المحاسب القانوني /محمد الحربي

  10. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أخي محمد .. أنا لن أتعارض معك في آرائك أبداً ، فلكل منا رأيه الخاص و من الإيجابيّ تقبل آراء الآخرين و إليكِ رأيي ؛

    بصراحة ، أنا من دون هذا البرنامج لديّ اهتمام خاص باليابان و أسلوب حياتهم ، وأكثر ما كان يجذب انتباهي أنهم تقدمو و في الوقت نفسه حرصوا على عاداتهم و تقاليدهم وما إلى ذلك ،
    و بعد البرنامج توسعت معرفتي أكثر فالقراءة فقط تختلف عن معاينة اليابان و حياتهم و معيشتهم .

    ما بيننا و بينهم فرق شاسع ، أتعارض مع من ذكر أننا لا نملك ثقافة و حضارة بل على العكس تماماً ، لن أقول العرب ، المسلمون كانوا من أكثر الحضارات تقدماً و برعوا في مجلات متعددة و كثيرة و في الوقت ذاته لم يتركو القيم ولا الأخلاق أبداً ، وبدل أن يتأثروا بالغرب تأثر الغرب بهم !

    و لاحظ أنهم ” كانوا ” وهنا تكمن المشكلة .. فعندما نتحدث عن وضعنا الحالي و أننا بالفعل نحتاج الكثير الكثير من العمل للرقيّ بأنفسنا و بأمتنا فهذا واجبنا أمام الله سبحانه و تعالى فقد خـُلقنا لإعمار الأرض ، تجد الكثير من الردود السلبية ” نحن كنا و أجدادنا كانوا …. الخ ” ليس المهم ماذا كنا !؟
    المهم: أين نحن الآن ؟

    و اليابان ليست نداً لنا أو شيء من هذا القبيل .. لكن المبدأ مبدأ والفرق واضح
    هم حرصوا على الالتزام بكل ما هو مطلوب منهم كمواطنين يعملون لمصلحة البلد ، وهذا ما نفتقده واقعياً .
    فنراهم يعملون جماعات وليس أفراداً .. و هدفهم واضح ، كلهم قلبهم على بلدهم و حريصون على تقدمها و متؤكدون أن رفعتهم و عزتهم في رفعة البلد ، و هذه القناعات لم تتشكل في يوم و ليلته ! هذه أمور تحتاج لسنوات من العمل المتواصل و الكدّ المتتابع لنحصد نتائجها .

    ختاماً ، اسمحلي أن أعلـّق على خاتمتك:
    [ عزيزي أحمد لسنا بحاجة إلى منظرين، بل نحن بحاجة إلى أناس تعمل بجد لتعتلي بلدنا منصات الأفضلية بين دول العالم ]

    الناس الذين يعملون بجدّ لن يوفرهم لا أحمد ولا غيره ! مسؤولية الإعلامي أو أي فرد له مركز ، أن يسلـّط الضوء على ما ينفعنا لا أن يكون عاملاً هداماً كما هي أغلب وسائل الإعلام الآن ، و في برنامج خواطر نرى طرحاً لفكرة ، مقارنة بسيطة ” والمقارنات مطلوبة ” لأنها من وسائل تدعيم صدق وصحة الفكرة المطروحة .. و في خاتمة الحلقة يطرح السيد أحمد فكرة أو اقتراح على كل مسؤول ليرى إمكانية تنفيذه عندنا .. و هنا لا لوم عليه أبداً فقد أدّى الواجب ” و زيادة ”

    يبقى أن يجد أحمد من يسمع هذه الاقتراحات و يأخذها على محمل الجد .. و حتى لو كان التغيير طفيفاً و لو على المستوى الشخصي فقط فالحمدلله ، على الأقل هناك من يهتم بتحسين وضعه الشخصي و بالتالي سنرقى بالأمة جميعها “إن شاء الله” كلما كثر عدد هؤلاء المهتمين .

    أنا أعتذر على الإطالة ولكن الموضوع جذبني و أحببت أن نتشارك الآراء جميعنا ، شكراً لك مرة أخرى ( يعطيك العافية ) .

  11. أحمد الشقيري ماسوى الجزء الرابع في شهر لاااا …. اخذ 10 شهوووور لحد ماطلع بهالجزء القنبلة ليته بس يتزوجني ……… ليت الكل مثل اسلوبه وعقليته ………

  12. حتى اليابان يراها المكفوفين ونحن لا نراهم!

    صدقت .. شبعت الأعين من النظر والهوان ولكن من يطبّق
    الشعوب لاتتطور من كيفها يا مجد بل هنالك من يسوّغها ويسيرها بحكمة بالغة لتصل إلى ما تصبو إليه
    وليست الدافعية وهِمم النفوس تنحاز لشعب دون آخر .. العقول ذاتها فهي بشرية 🙂

    قرأت المقال حرفًا حرفا فما وجدته في اليابان يمثّل قوة ومتانة في الحضارة والثقافة فكرًا وعملا
    وكأنهم يطبقون سنن الدين في الحياة بعد دراسة مجهدة ..

    ألم يقل الرسول “من عمل منكم عملاً فليتقنه” .. فأين الإتقان هنا من هناك
    أوليس الإبتسامة في وجه أخيك المسلم صدقة ! فأينها هنا من هناك ؟
    هنالك الرجل يمشي فإذا بها تُمطر فيأتيه عابر سبيل فيتشارك معه بمظلة المطر !

    ولله در الشيخ العلامة ” محمد عبده ” عندما قال مقولته الشهيرة
    «رأيت الإسلام عندهم بدون أن أرى مسلمين ورأيت المسلمين عندنا بدون ان أرى الاسلام».

    الثقافة والحضارة مرتعًا خصبًا للشعوب فأينما زُرعت رأينا نتاجُها حتما

  13. ادعو للعراق فنحن بحاجه للدعاء الحروب دمرتنا ونريد ان نصيير مثل اليابان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.