إعادة صناعة النجاح


رحمك الله يا ماجد الشبل، فقد صحبناه في شبابنا خلال شهر رمضان المبارك في برنامجه الشهير حروف، في ذلك الوقت كانت الوصول للقنوات الفضائية محدود جداً، بل يعتبر نادر، ولم يكن هناك أي وسيلة أخرى غير القناة السعودية الأولى لتسلية الوقت خلال الشهر الفضيل، أيضاً لم يكن هناك لا إنترنت ولا شبكات تواصل اجتماعية، الوسيلة الوحيدة للتواصل الاجتماعي هي عزيمة وجبة الإفطار، وكان هذا البرنامج هو الوجبة الثقافية الرائعة التي تنمي الكثير من المعلومات لدى المشاهد.

لسنوات عديدة انتقدنا القناة السعودية الأولى على عدم اتيانها بالجديد في ظل تنامي القنوات الفضائية واقتطاع برامجها للكثير من المشاهدات المحلية، بالرغم من سطحية الطرح فيها، وتركيزها على الربح المادي، بينما التلفزيون السعودي لم يقدم الجديد، وإنما يتراوح في ذات المكان، جل تركيزه على مسلسل ما بعد الإفطار “طاش”، وحتى هذا الأخير هاجر للبحث عن مساحة حرية أكثر، فأختلف مبدعوه فأنهار.

التلفزيون السعودي وكأني به عاد ليفهم اللعبة من جديد، فهو يعيد برامجه الناجحة، ويكررها بشكل يقربها أكثر من المشاهدين، فها هو أعاد اكتشاف كنوزه، وقدمها للعالم من جديد بنفس الثوب وبنفس الطريقة، ومن وجهة نظري محاولة أولى جيدة، ويجب أن تستمر مع قليل من التجديد وتحسين الفقرات، وتقديم مادة علمية مختلفة تتواكب مع التغييرات المعلوماتية من حولنا في ظل تنوع المصادر المعلوماتية.

بعد عشرين عاماً من الانقطاع، عاد برنامج حروف بحلة جديدة على القناة السعودية الأولى، صحيح أنه لا أحد يستطيع تعويض فارس الزمن الجميل ماجد الشبل رحمه الله، إلا أن التلفزيون أبدع في اختيار الخامة الصوتية التي تقدم البرنامج، وبالفعل أثبت صوت سلمان العتيبي وأداه أنه أنسب اختيار.

يعاب على التلفزيون السعودي عدم تقديمه لدعاية جيدة تواكب العودة، فلم أتعرف على البرنامج إلا عن طريق الصدفة، ليصبح البرنامج المفضل لدي بالرغم من محدودية مشاهدتي للتلفزيون في رمضان حالياً، البرنامج مبدع في فكرته وطرحه، ومبدع في اسلوب عرضه، وبسيط في أفكاره وهذا ما جعله يرسخ في ذاكرة الجميع، وكان الاجدر بالتلفزيون السعودي أن يقدم حملة اعلانية تواكب هذه العودة.

ليس عيباً أن تعيد نجاحاتك وتكررها، ولكن العيب أن تقف حائراً وتشاهد الجميع يأكلون الجزء الأكبر من الكعكة، وأنت حائر لا تستطيع إعادة تقديم نفسك من جديد، وفي المقابل تجد الآخرون يبنون نجاحاتهم على نجاحاتك السابقة، ويأخذون جزء من ابداعاتك لتكون هي نواة انطلاقتهم، وأنت حائر لا تعرف كيف تصنع النجاح.

إعادة النجاح لا تعني تكراره كما هو، وإنما اعادة ابتكاره من جديد، وتطويره ليكون هو عامل الجذب الأول، وهذا ما نطمحه من التلفزيون السعودي في السنوات القادمة، فلا توجد قناة تحترمنا كمشاهدين أكثر منها، لعلها تعود لقائمة القنوات المتابعة والمفضلة لدى جميع المشاهدين السعوديين والعرب.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.