أمية القراءة والكتابة وشباب يصنع المستحيل


في عام 2009 كتبت تدوينة عنوانها “التعليم الابتدائي ومحو الأمية“، طالبت في التدوينة وزارة التربية والتعليم بالإعلان عن فترة معينة للقضاء على أمية القراءة والكتابة في السعودية، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن لم نسمع التزام من وزارة التعليم بالقضاء على أمية القراءة والكتابة في السعودية.

ومنذ يومين قرأت تغريدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين في السعودية أنه بلغ في عام 2015 ما يقارب 94.8% بعد أن كان 79.4% في عام 2000، أي أن معدل الأمية كما يشير موقع وزارة التعليم حسب نتائج المسح الأسري لعام 2015 بلغ 5.31%.

خمسة عشر عاماً لخفض نسبة الأمية بمقدار 15% لا شك أنها فترة زمنية طويلة، ولكن لنكن متفائلين، ولنتأمل خيراً خلال السنوات القلية القادمة في القضاء على الأمية في السعودية، صحيح أن وزارة التعليم لم ترتقي بعد لسقف طموحاتنا ولا تطلعاتنا، فالنسبة التي استطاعت أن ترفعها لتعليم البالغين يدخل في حسابها معدل الوفيات أيضاً، ووزارة التعليم خلال السنوات الماضية ومنذ تأسيس السعودية لم تلتزم بمدة زمنية للقضاء على أمية القراءة والكتابة.

هذه الأرقام التي قرأتها في تغريدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أثارة فضولي في البحث عن الحالة التعليمية في السعودية، وكخيار أول لجأت لموقع الهيئة العامة للإحصاء والذي لم يعالج فضولي بأرقامه، وبعد عناء البحث في الموقع وجدت بعض المعلومات التي تسترعي الانتباه في الكتاب الاحصائي لعام 1431هـ (2010)، حيث أن عدد الأميين في السعودية ممن أعمارهم أكبر من 10 سنوات يصل إلى أكثر من مليونين (2384367)، وهذا رقم كبير جداً، وبعد محاولة تفصيل الرقم لمعرفة عدد السكان الأميين من السعوديين فقط كان الرقم (1537134)، من هذا العدد أكثر من مليون سيدة (1145244) لا تقرأ ولا تكتب، بلا شك أن معلومات الكتاب الاحصائي تعتبر قديمة نوعاً ما، إلا أننا بحاجة إلى وقفة مع هذه الأرقام، ومحاولة معالجة أمية القراءة والكتابة، فالأمد الزمني لمعالجتها مبالغ فيه بشكل كبير، وهو بذلك يستنزف مقدرات البلد.

نحن بحاجة لوقفة حازمة لإنهاء ملف أمية القراءة والكتابة في السعودية، وعدم الانتظار انتهاء الأجيال التي لا تقرأ طبيعياً، وأيضاً لابد من الوقوف بشكل مختلف مع الوافدين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، ووضع اشتراطات معينة تعليمية بلغتهم قبل العمل أو الوصول للسعودية، فما يعالجه التعليم لا يستطيع معالجته أي أمر آخر.

أرقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبشرة بالخير فمعدل الالتحاق بالتعليم الأساسي أرتفع من 93.1% في 2005 إلى 108.7% في عام 2014، مع تحقيق نسبة التكافؤ في التعليم بين الجنسين في التعليم الأساسي، ولا شك أن هناك الرقم يسعدني أكثر من أي شيء آخر، فهو دليل على زيادة وعي أولياء الأمور بتعليم أبنائهم، ولا شك بأن إلزامية التعليم الابتدائي في السعودية ساهمت في تحقيق هذه الأرقام، أيضاً كانت أرقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبشرة في مجال التعليم الجامعي لتكون أعلى دولة عربية في ذلك، حيث نما معدل الالتحاق بالتعليم الجامعي من 22.2% في عام 2000 إلى 61.6% في عام 2014، وهذه الأرقام تدل أننا أمام جيل متعطش للتعليم وقادر على تغيير مكانة السعودية للأفضل.

أرقام الأمم المتحدة تدل على أننا بحاجة إلى الاستثمار بشكل مختلف مع السكان، فمعدل نمو للتعليم الجامعي يبلغ 39% وهو رقم يدل على جدية الشباب السعودي، وأنهم قادرين على صناعة التغيير متى ما كانت الفرصة سانحة، فبمجرد أن زادت عدد الجامعات في السعودية من ثمان جامعات إلى أكثر من (25) جامعة، وفتح المجال للتعليم الجامعي عن بعد، حتى وجدت الشباب يستثمر في ذاته، ويغير من مستوى تعليمه بكل جديدة، وبدون توجيه من أحد.

متى ما استطعنا توجيه الشباب بشكل ايجابي سنحقق نمو مختلف، وإن كنت أرى ذلك سيتحقق في رؤية السعودية 2030 بإذن الله، بالتأكيد القادم سيكون أفضل في السعودية.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.