التحول للصناعة وتوطينها


منذ زمن قرأت كتاب الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- “حياة في الإدارة” والذي قدم فيه خلاصة تجاربه الإدارية، وتناول كيف تأسست شركة سابك، وكيف لم يتم التحول إلى توسيع النقل البري من خلال القطارات عندما كان رئيساً لمؤسسة السكك الحديدية، والتحديات التي أجبرته على اتخاذ هذا القرار، والمزيد من التحديات الصناعية التي خاضها وهو وزير للصناعة والكهرباء في زمن كانت الثورة الصناعية في توهجها، وكان التحول للصناعة يسير بطرق متسارعة في كل أنحاء العالم.

ومؤخراً قرأت كتاب علي النعيمي وزير البترول السابق “من البادية إلى عالم النفط”، والذي تناول فيه كيف تأسست شركة أرامكو، وكيف عمل في كل إدارتها لينمي خبراته العملية، إلى أن أصبح أول سعودي يرأسها، وكيف تحولت من شركة تملكها مجموعة من الشركات الأمريكية إلى شركة سعودية بالكامل، وكيف تأسست “كاوست” هذا الصرح العلمي الكبير الذي يدعم البحث العلمي في جميع المجالات ويؤسس له في السعودية –وهذا فعلاً ما نريده.

وفي المقابل استمعت لكثير من التفاصيل حول الصفقات التي أعلنت عنها السعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً، والتي تسعى فيها السعودية إلى توطين أغلب الصناعات التي نستوردها ونتعامل معها، ومن خلال دولة لنا تجارب سابقة معها في إثراء المحتوى المحلي من الصناعة، حيث لم تعارض كثيراً الشركات الأمريكية إبان إدارتها لشركة أرامكو في تحويل قيادات الشركة من أجنبية إلى سعودية، وفي الاستثمار قبل ذلك بشباب السعودية من خلال تعليمهم وتدريبهم وتجهيزهم سواءً في الداخل أو في كبرى جامعات العالم، وليس أدل من ذلك إلا وزير البترول السابق علي النعيمي وكيف تحول من ساعي إلى رئيس أكبر شركة بترول في العالم ومن ثم وزيراً للبترول.

وخلال السنوات السابقة تحولت الأسباب التي أجبرت الدكتور غازي القصيبي –رحمه الله- على عدم التوسع في النقل البري من سلبية إلى ايجابية، لتبدأ السعودية في تأسيس السكك الحديدية، فهذا قطار التعدين والذي يربط شمال المملكة بوسطها وشرقها، بدأت أول رحلاته في مايو 2011 بنقل المعادن والفوسفات إلى مواقع المعالجة في وسط السعودية وميناء التصدير في شرقها، ولا شك أن خطوط السكك الحديدة هي أسرع وأرخص وسيلة نقل، مما يعني رفع العائد من الاستثمار في المعادن.

ومما سبق نستنتج أننا بدأنا نستفيد من تجارب السابق، وبدأنا نضع الأمور في نصابها، فالشراكة مع الأمريكان أثبتت نجاحها أكثر من مره، وذلك في تأسيس محتوى محلي يوطن الصناعة، ويخلق فرص وظيفية لأبناء البلد، وليس أدل من ذلك إلا شركة أرامكو، والتي بدأت بتحالف من شركات أمريكية، وانتهت شركة سعودية تعد أكبر شركة بترول في العالم.

توقيع اتفاقيات مع شركات أمريكية في قطاعات عدة من أهمها قطاع المعادن، والتي تعتبر ثرواتنا الطبيعية من ذهب وفوسفات وغيرها كبيرة جداً، وبحاجة إلى خبرة عالمية لتوطين هذه الصناعة، فهذه الاتفاقات تأتي في وقت أصبحنا فيه أكبر خبرة سواءً إدارية أو علمية، فتجربة أرامكو صقلت أجيال، وجدية الشركات الأمريكية في التعامل مع الصفقات ينبأ عن مستقبل باهر لأبناء السعودية.

همسة
كن متفائل فالقادم أجمل..

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.