“ربنا إنك عفو تحب العفو فأعفو عنا”

اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عنا
(1)
بالأمس القريب أطل هلاله علينا، فرحنا كثيراً بقدومه، وقدمنا فيه ما اعتدنا على تقديمه من صيام وعبادة وصدقة ونسك، والآن نتحرى ليلة القدر في أيامه الأخيرة، أيام ستعود قريباً، ولكن لا نستطيع أن نجزم أننا سنبقى حتى تعود، وسنعيشها مرة أخر، “ربنا أدم علينا رمضان أزمنة عديدة، وأعوام مديدة”.

(2)
ما زلنا ننتظر في هذا الشهر الفضيل أن نسمع خبر إنهاء الحروب في اليمن، ورجوع صنعاء للشرعية، ما زلنا نأمل أن يرحل بشار، وأن تعود ديار الدولة الأموية، كما كانت أرض الاسلام والسلام، أرض الخيرات، أرض العلم والتاريخ، نتأمل أن تعود دمشق لتشاركنا ذكريات البطولات، وليست البطولات في الحروب، وإنما كانت بطولات أخرى لدمشق وبغداد، بطولات في الفتوحات العلمية التي وضعت اللبنة الأولى في تكوين الحضارة العالمية هذه الأيام.

(3)
ندعو الله ولا نمل دعائه أن يكفينا الله شر فكر الدواعش، ويبعد أبنائنا عن طريقتهم، ففكرهم لا يمت للإسلام بأي طريقة أو هوية، فكره مبنى على القتل والتفنن فيه، بينما الإسلام يحث على التسامح، وأن نكون سواسية كأسنان المشط، قال صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) – أخرجه البخاري ومسلم، ولكن هل يعي الدواعش هذا الشيء.

(4)
ما الذي أوصل فكر بعض من المسلمين إلى هذا الحد، وكيف استطاعوا أن يقدموا هذا الفكر لشبابنا؟، وكيف أقنعوهم بذلك؟، كيف استطاع داعشي أن يقنع صبي لا يتجاوز عمره 18 سنة بأن فكر الدواعش على حق، وأن يذهب لسوريا، أو أن يزهق روحه وينفذ عملية انتحارية، كيف استطاع بأن يقنعه بأن يقتل أمه أو أبيه أو أخيه؟، كيف استطاع تزيين طريق النار وتحويله إلى طريق للجنة؟، أسئلة حيرى لا تجد إجابات عليها، والإجابة عليها هي الطريقة للتغلب عليهم، وحماية أبنائنا من التغيرات الفكرية.

(5)
بدأت في أفغانستان، ثم في الشيشان، ثم في البوسنة والهرسك، ثم في العراق، وأخيراً في سوريا، والفكر يتجه إلى التطرف أكثر مع كل تغير في المفاهيم، والعقول لا تستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، وكأن فطرتنا تغيرت، وأهوائنا ومعتقداتنا تبددت، وكأننا فقدنا التعرف على طريق الحق.

(6)
“إن طل زل”.. هذه هي الحقيقة، بالأمس كنا فرحين عندما هل هلال الشهر الفضيل، وها هي أيامه تنصر يوماً تلو آخر، ونحن ندعوا الله أن يرزقنا قيام ليلة القدر على الوجه الذي يحبه ويرضاه، اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، اللهم تقبل منا الصيام والقيام وتلاوة القرآن، اللهم تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.