“فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا”

فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا
أخبار القتل في هذا الشهر الفضيل تزايد عددها بشكل لم نلحظه من قبل، فبعد قتل التوأمين لوالدتهم، سمعنا عن السيدة التي قتلت زوجها، ومن ثم سمعنا عن الأخ الستيني الذي قتل على يد شقيقه الأصغر إثر خلاف عائلي، وكأن الحياة لعبة في يد هؤلاء، وكأن الله سبحانه وتعالى لم ينهى عن قتل النفس.

ما الذي تغير في مجتمعنا حتى تتحول المعادلة إلى هذه الدرجة، فقدنا التوازن في التعاملات اليومية، وأصبح العلاج الأول لمشاكلنا هو ازهاق النفس البشرية، لا نعرف كيف نتعامل مع مشاكلنا، ولا نعرف طريق الصبر، ولا نعرف مفهوم التغافل عن الخطأ، وغفر الزلة.

(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعًا) – المائدة (32)، ربط الله سبحانه وتعالى إزهاق النفس البشرية بأنه ازهاق للحياة، إزهاق لكل البشرية، لأنها تنهي أحلام شخص، وتنهي حياة أسرة وتقطع رزقها، ولكن لا يرى القاتل عظم المصيبة، ولا يتقي شر نفسه.

ما الذي حدث في المجتمع، هل عدنا إلى الأزمان الماضية، الزمن الذي كانت الحروب فيه هي مصدر الرزق، أم أن أخلاقنا تأثرت بطول معاشرتنا للجمادات التي لا تحس ولا تستشعر الحياة، فنحن نضرب على جماد أسمه حاسب آلي ليمنحنا ما نريد، وجماد آخر اسمه هاتف ذكي ليطينا معلومة، وربما مارسنا لعبة عنف عليهما لنتعلم كيف نسلب ونقتل، ونهين الحق في الحياة.

لا أعرف هل أصبحنا نعتبر الحياة مجرد لعبة من الألعاب الإلكترونية، نشتريها بثمن بخس دراهم معدودات، ونفعل بها كيفما نشاء بدون مراعاة لمن يعيش فيها، نكذب هنا، ونسرق هناك، وإذا ملننا الصبر، وانعدمت الحكمة، أزهقنا النفس البشرية، غير مبالين بأطفال صغار ينتظرون قدومها، ولا زوجة تأمل بحياة مختلفة، وترسم طموحات مع بعلها، ولا أم تنتظر فلذة كبدها أملها الوحيد في الحياة بعد أن بلغت من الكبر عتيا، ولا أب كان أمله بأبن يخلد ذكره على مر الحياة.

نحن بحاجة لتحرك سريع يعالج هذه المشكلة التي غيرت كل نواحي الحياة، فأصبحنا لا نأمن على أنفسنا من أبن أو أخ أو أب أو صديق، نأخذ حذرنا منهم لكيلا نغدر، فكيف تكون حياة بهذا الشكل.

رحم الله الأموات، وغفر لهم، وأسكنهم فسيح جناته، وحفظنا الله من شرور عبادة.

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.