لست داعشياً يا أمي..

نبع الحنان
هذه هي الأم قصة كفاح، وملاك رحمة.
هذه هي الأم الحقيقة الوحيدة الصادقة في حياتنا، التي تفنى ليزهر أبنائها، نأخذ منها صحتها وشبابها وعافيتها، لنستمد قوتنا، وفي النهاية لا تطلب منا أي شيء، ولا حتى تريد برنا، هي فقط تريد أن نبقى سعداء.

رسولنا الكريم وصى ثلاثاً.. “أمك .. أمك.. أمك”، لكبير شأنها، ولأنها تعطي ولا تأخذ، تهب ولا تبحث عن أجر، تقدم ولا تطلب، وتكتم عنك تعبها، ومرضها، من أجل أن تسعد.

هذه هي الأم الوحيدة في العالم التي لا تتندر عليك، وتشعر بوجعك، وتستأمنها على سرك، ولا أحد من هذه الدنيا يقوم بدورها، لا أخ ولا أخت ولا زوجة ولا أبناء، حتى إذا كبرت تبقى أمك هي الملاذ الوحيد لك.

هذه هي الأم، شيء عظيم لا تريد شيء، وتهب كل شيء، تكويننا من جسدها، قوتنا من جسدها، كل ما فينا منها، هي من منحتنا الحياة، وهي سر الوجود.

هذه هي الأم تفني كل حياتها من أجل أبنائها وفي النهاية لا يكون لها إلا الجحود والنكران.

ومع ذلك يكون توجهك للفكر الداعشي على جسد أمك، (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) – لقمان (15)، وضعت الآية الكريمة الإطار العام للتعامل مع الوالدين عندما لا يكونا مسلمين، وهو أن يكون التعامل معهما في أبسط أوجه البر وهو المصاحبة أي أن تلزمهما، وتستشيرهما، وتلاطفهما، حتى لو آذياك في دينك.. فصاحبهما.

أرأيتم الفرق بين الفكر الصحيح والفكر الداعشي، الأول يحترم وجود الوالدين حتى لو كانوا غير مسلمين، ويحث على برهما وعلى ملازمتهما، والفكر الداعشي يرتقي على جسد الوالدين، ويستمد قوته من التنكر لهما، وقتلهما، وتعذيبهما في الحياة.

ترى ماذا قالت الشهيدة الأم عندما طعنها ولدها، أقسم أنها قالت يا ابني أقتلني ولا تذهب لمن يريدون لك الهلاك، ويريدون أن تحارب الله ورسوله، يا ابني أريدك أن تبقى في هذه الحياة حتى لو كان أول جسد يرحل منها هو أنا، يا ابني لقد سامحتك لكيلا تتعذب بدنياك وآخرتك، ربي رضيت عن ابني فأحفظه.
كانت دعوة صادقة من إمهما كتبت للتوأمين الحياة، واعتقلا ولم يذهبا لإرهاب الدواعش، ولم يقتلا في المداهمة، فأي دعوة صادقة حفظت هذين العاقين.

أمي.. أنا لست داعشياً، ولا أريد أن أكون كذلك، أنا أبنك الذي تعبتي كثيراً من أجلي، أنا أبنك الذي وهبتي لي أكثر من كل الأمهات، وهبتي لي الحياة، وكل ما أنا فيه من نجاح كان بسببك، لقد وضعتي قدمي على أول الطريق عندما تنكر الجميع لي، ومهدتي أمامي كل طرق النجاح، وكل ما أنا فيه من نجاح كنتي أنت سببه.

سامحيني يا أمي فأن مقصر كثيراً بحقك.

2 قراء تعجبهم التدوينة.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.