مدارس التعليم العام والانتخابات

صناديق الاقتراع
التجربة المحلية في الانتخابات من وجهة نظري لم تؤتي ثمارها المرجوة، نظراً لعدة أمور من أهمها على سبيل المثال لا الحصر، ضعف الثقافة الانتخابية لدى جميع أطياف المجتمع، وأيضاً ضعف البرامج التي يقدمها المرشحين، وثقافة المجتمع التي يكون التفضيل فيها مبنى على نواحي فكرية أو انتمائية، ولا يكون مبنى على الأجدر، وغيرها من الأمور التي لم تجعل من برامجنا الانتخابية فرصة جيدة تظهر رغبتنا في التغير إلى الأفضل.

المرشح أيضاً لم يكن بتلك الدرجة من النضوج، فأغلب المرشحين ليس لهم باع في المجال الذي يترشحون له، هم يريدون فقط تحقيق مجد شخصي على أن يحققوا نفع للوطن، هم يريدون فرصة للضهور وإضافة ذلك في السيرة الذاتية للمرشح، وليس أدل من ذلك إلا السيدة التي فازت في الانتخابات البلدية الأخيرة ولم تستطع توضيح ماذا ستقدم للمجلس البلدي في لقاء تلفزيوني، واضطرت لأقفال الهاتف والانسحاب من اللقاء.

ولكي نحقق ثقافة انتخابية عالية في مجتمعنا لابد من التحرك على مستوى القاعدة، بحيث نعلم أبنائنا الطلبة في مراحل التعليم الأولية معني اختيار، ومعنى صوت، وكيف أختار؟، ويكون ذلك من خلال مجالس طلابية في كل مدرسة، يحدد عدد الأعضاء فيها، ومن ثم يصوت طلاب المدرسة على الأعضاء والرئيس.

دعني أوضح الفكرة من جهة أخرى، مثلاً في مدرسة ابتدائية، يحدد نصاب المجلس الطلابي مثلاُ (60) طالب، يكون العدد موزع على حسب السنوات الدراسية، مثل (10) مقاعد للصف الأول الابتدائي، ومثلها للثاني، ومثلها للثالث، وهكذا، وبعد ذلك يكون التصويت على المقاعد العشر المخصصة لكل مرحلة.

مرحلة التصويت تكون قبلها مرحلة ترشيح تكون محددة بإطار زمني، وحملة انتخابية أيضاً محددة بإطار زمني، يتعلم الطلاب من خلالها على طريقة إعداد البرنامج الانتخابي، وطريقة الخطابة بين الطلاب، ويستغلون حصص النشاط، وأوقات الراحة لتقديم برامجهم الانتخابية.
وخلال مرحلة الحملات الانتخابية، يمارس المعلمين توعية الطلاب على طرق قراءة الحملات الانتخابية، وتحديد المرشح الذي سيحقق آمالهم، وبعدها تأتي مرحلة الاقتراع، ومن ثم مرحلة فرز الأصوات وتكون أمام جميع الطلاب، لتنتشر الثقافة الانتخابية على مستوى التعليم، ويتحقق الهدف والغاية.

وبعد ذلك تأتي نشاطات المجلس الطلابي، والتي تكون أولها انتخاب الرئيس، وتمر بذات العملية ولكن على نطاق أقل، ومن ثم تأتي مرحلة الأنشطة التي يقدمها المجلس، والاجتماعات الاسبوعية، والتفاعل بين المجلس الطلابي وطلاب المدرسة، وغيرها من المهام، وفي نهاية العام يقيم طلاب المدرسة نشاطات المجلس الطلابي، ويقيم المجلس على أسس من أهمها هل حقق آمال من انتخبه أو فشل في تحقيقها، ويكون ذلك من خلال لقاء مع جميع الطلبة، يتعلمون من خلال اللقاء كيف يكون النقد بناءً، وفي النهاية يكرم المجلس إذا حقق انجازات كبيرة، ويحاسب على الاخفاق.

موضوع الانتخابات ليس جديد على مجتمعنا، ولكن لم يمارسه الكثير، ولكي نحقق الهدف والغاية الأسمى من هذا لابد أن تشارك جميع الأجيال في صناعة هذه الثقافة، لنحقق منها المأمول، لا أن تكون حصراً على توجهات فكرية معينة، أو انتماءات اجتماعية معينة.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.