دروس 2015 .. ثقة.. قرار.. حزم..


يمضي الزمن ولا نستطيع تذكر إلا الشيء اليسير منه، أحياناً بحكم السن الذي مع تزايده تتناقص مساحة الذكريات، وأحياناً كثيرة لأننا لا نريد تذكر الأمور السيئة، وأحياناً أخرى لا نتذكر إلا الأمور السيئة التي تربطنا بالماضي رغم مرارته، وأحيانا نوقف الذكريات عمداً لرغبتنا في الاستمتاع بلحظة جميلة لا نريد نسيانها، ولا نريد الشعور بالحاضر ولا تخيل المستقبل لارتباطنا بها..

توقفت عن كتابة تدوينة رأس العام لسنتين متواصلتين 2013 و 2014، لأسباب مختلفة، منها عدم استمراري في التدوين منذ فترة، فانقطاعي عن الكتابة طوال العام إلا في رمضان أثر على وضع المدونة، وأثر على رغبتي في الكتابة، والتغيير الذي حدث على وضعي الوظيفي في 2012 استهلك كل وقتي، وأثر على أمور مختلفة في حياتي، منها الكتابة في هذه المدونة، وهذا درس من دروس الحياة نتعلمه كثيراً، ولا نرغب في تطبيق ما تعلمناه.

قد يكون عام 2015 ليس كمثل الأعوام السابقة، فحجم التغيرات فيه على مستوى البلد عالية جداً، فإلغاء جميع المجالس الحكومية وحصرها في مجلسين سياسي واقتصادي ينبأ عن مستقبل مختلف تماماً، مستقبل تحت عين الرقابة، فجميع من يتولون الحقائب الوزارية تحت قبة المجلسين، ولكن قبل المجلسين كان التغير بشكل آخر مختلف تماماً عن ما عاصرناه من قبل، فالسعودية تتحول إلى جيل الشباب بقرار من أعلى الهرم، بالإضافة إلى تغيير في الحقائب الوزارية ليرأسها وزراء من القطاع الخاص، يبحثون عن الانتاجية والكفاءة.

في 2015 اختلفت الأمور كثيراً، فالسعودية دخلت في حرب أخرى، حرب لم يكن أمامها خير في عدم خوضها، حرب ذكرتنا بسنة 1990 عندما دخلت السعودية في حرب تحرير الكويت، وبالرغم من أن الدولة في حالة حرب إلا أنه لم يتغير الكثير علينا، فالأمن يعم جميع أرجاء البلاد، وكأننا في حالة سلم دائم.

من هذه الحرب تعلمت دروساً كثيرة جداً، أسقطتها على واقعي العملي وواقي الاجتماعي، سأحاول أن أسرد بعضاً منها في هذه التدوينة.

أول هذه الدروس هي الثقة، فعندما لا تضع الثقة في أهلها تكون عواقبها سيئة، وثاني هذه الدروس هي صناعة التحالفات، فكلما ارتفع بك الهرم العملي لابد أن تعرف كيف تصنع تحالفاتك وتديرها، والسعودية لم تقبل على الحرب إلى بعد صنعت تحالفها الدولي، ليكون التأييد قبل البداية، وثالث هذه الدروس الحزم فالسعودية لم تتردد في الضرب بيد من حديد على مصدر الفتنة ومسببها، والدرس الرابع والأهم هو سرعة اتخاذ القرار، فتأخر القرار يعني زيادة حجم الخسارة، وخامس هذه الدروس هو سرعة التنفيذ، وسادس هذه الدروس هو توقيت التنفيذ.

انتهى عام 2015 على الصعيد الشخصي بثلاث انجازات، الأول أنني ساهمت بشكل كبير وكنت قائداً في تغيير مفهوم العمل التقني والإجرائي في تنظيم أعمال شؤون الموظفين إلكترونياً في القطاع الحكومي، لا أريد أن أسهب في هذه النقطة هنا وسأخصص لها تدوينة خاصة بإذن الله، والانجاز الثاني هو مساهمتي في “برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية”، وبالتحديد في تعميم الانجاز الأول ليكون أحد العناصر في التحول نحو الموارد البشرية في القطاع الحكومي، أما الانجاز الثالث فسأتحدث عنه عندما يكتمل.

ثلاثة أعوام خلت تعاملت فيها مع مدراء كثر، وعاصرت تغييرات إدارية مختلفة، وأجندة وزارية مختلفة، وأيقنت أن هناك أموراً لا تستطيع صناعتها بالمثابرة والجد والاجتهاد، فمهما تعمل وتجتهد ستكون أنت أكثر الخاسرين، في رمضان الماضي خصصت أكثر من تدوينة عن الدروس التي تعلمتها في هذه المرحلة، وسأخصص تدوينات مستقبلية عن كل مدير عملت معه، ربما تكون في رمضان القادم.

انتهى عام 2015 بالتأكيد لم يكن هذا العام سهلاً ولا يسيراً بالنسبة لي، ويبقى الدرس الأبرز لي في هذا العام هو الثقة وأين تكون؟، أتمنى أن يكون عام 2016 مختلفاً تماماً عما سبقه، وبالتأكيد سيكون كذلك فالمشاركة في برنامج وطني طموح كفيلة باستشعار حجم التغيير على البلد، وحجم النهضة التي سيصنعها.

سجل أعجابك

Share

انضم إلى المحادثة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.