إدمان السبع دقائق

التخلص من ادمان الشبكات الاجتماعية يحتاج إلى عزيمة
سبع دقائق هي معدل استخدام الهاتف الذكي، إذ أنه وحسب الدراسات بعد انتشار الشبكات الاجتماعية أصبح الإنسان ينظر لهاتفه النقال كل سبع دقائق، أو بالأحرى يقوم بعمل جولة على الشبكات الاجتماعية، وهذا الرقم يكشف عن مدى سيطرة الشبكات الاجتماعية على المجتمع بأسره، فهي حققت ما لم يحققه التلفاز ولا المذياع ولا حتى الإنترنت من انتشار وتوغل في المجتمع.

سهولة حياة الإنترنت كما أحب أن أسميها، وزيادة سهولة استخدامها هي من أوصلتنا إلى هذا الحد، فسابقاً كان استخدام الإنترنت محصور في جهاز الكمبيوتر في المنزل أو في المكتب أو في المقهى، وكانت ساعات الاستخدام كبيرة في أوقات معينة ومعروفة، وليس على مدار الساعة، ولكن يأتي وقت نبتعد فيه على الإنترنت لنجلس مع من نحب، أما اليوم فالإنترنت أصبحت متنقلة معنا أينما حللنا، واستبدلنا الكمبيوتر بالهاتف الذكي، ومتصفح الإنترنت بتطبيقات الهواتف الذكية، لتصبح الإنترنت معنا على مدار الساعة، وحتى عندما نكون مع أحبابنا.

ادمان السبع دقائق يقتل فينا أي روح للإنتاجية، فليتنا نلاحظ كيف أثرت هذه السبع دقائق على حياتنا، وكيف أبعدتنا عن عائلاتنا، حتى انتشرت مقاطع الإنترنت التي فيها من يقوم بتكسير هاتفه الذكي لأنه حرمه من لذة الاجتماعات والتباحث، من جمال جلسات زمان التي يحلو معها السمر.

نحن الآن نتسامر مع هواتفنا الذكية، حتى زملائنا وعائلاتنا نكون معهم في ذات المكان، إلا أن احاديثنا تكون عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وكأن من داخل هذا الجهاز هم الأقرب إلى قلوبنا، حتى قضت الهواتف الذكية على كل عناصر الحياة الاجتماعية في حياتنا، وأصبح الهاتف الذكي هو الزوجة والابنة والابن والصديق، واصبحنا لا نستطيع الابتعاد عنه.

إن كانت رحلتي مع الهواتف الذكية قد بدأت مبكراً، إلا أنني أحب أن اشارككم رحلتي مع الشبكات الاجتماعية، فلعلنا نتشارك ونستفيد من هذه التجربة، ففي عام 2008 بدأت رحلتي مع تويتر أي قبل أن ينتشر في المجتمع كالنار في الهشيم، كان استخدامه متعة لا تضاهيها متعة، وللأسف أخذ جل وقتي، واستمر هذا الاستخدام المكثف إلى عام 2010 بعدها قررت التخفيض من استخدام تويتر، وبدأت هذه الرحلة كان أولها بحذف حسابي من هناك، إلا أنه لم يكن الحل المناسب.

هي قناعة شخصية إذا استطع الوصول إليها استطعت التخلص من إدمان السبع دقائق، أتى بعد تويتر تطبيقات عديدة منها “انستغرام” و “باث” و “سناب شات”، إلا أني استطعت تحديد وقت الاستخدام لهذه الوسائل، وهذا ما أفادني كثيراً في الحفاظ على علاقتي مع هذه الشبكات، إذ أنني خصصت أوقات معينة لتصفح الشبكات الاجتماعية مثل الساعة الخامسة عصراً والساعة التاسعة مساءً، وتختلف باختلاف الزمان والمكان، واحترمت هذا الوقت، وبالفعل استطعت الابتعاد عن فورة الشبكات الاجتماعية، واصبحت أنا من أتحكم بها لا هي من تتحكم بي.

صديقي أبو أحمد هو الآخر عاني كثيراً من إدمان “الوتساب”، فهو قبل الواتساب كان مستخدم شرس للبلاكبيري، إلا أنه أستطاع التخلص من كثافة الاستخدام هذه من خلال حذف جميع مجموعات الواتساب من جهازه، وتخفيف مصدر الازعاج، إلى أن تخلص بشكل كامل من هذا الادمان واستطاع بعدها تقنين استخدامه لهذه الخدمات، ومن ثم عاد للمجموعات انسان مختلف.

التقنية وجدت لتساعدنا لا لتعذبنا، لنتحكم بها لا لتتحكم بنا، وتكريس استخدامنا لهذه التقنيات بشكل كبير يجعلنا محاصرين بها، ولا نستطيع الحراك من دونها، فلا يوجد أهمية بمكان لأن نعرف الخبر الآن أو بعد ساعة أو لا نعرفه إطلاقاً، متى ما استطعنا تصنيف ما نريد أن نعرفه على هذا النحو، عندها نستطيع التخلص من ادمان السبع دقائق.

حياتنا الاجتماعية أصبحت رهينة لهذا الهاتف الذكي، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعية هي المتحكمة بنا، بالرغم من أننا فاشلون اجتماعية وغير جديرون في التواصل مع من تجمعنا بهم علاقات الدم، ولكن فلنتأكد أننا الوحيدون القادرون على التخلص من هذا الادمان، فتكسير هواتفنا الذكية والابتعاد عن التقنية التي تساعدنا على تبسيط الحياة ليست الطريقة الأنسب، وإنما التوسط في الأمور هو الغاية والهدف، فليتنا نمارس لذة استخدام التقنية الحديثة من غير افراط ولا تفريط.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.