من “قصبة” عسير لبيوت تنومة.. أين الاستثمار السياحي؟

القصبة العسيرية من أروع طرق البناء في العالم
بداية هذا العام كانت أول رحلة لي لمدينة أبها، كان في مخيلتي سأراى شيء مختلف بحكم أنها مدينة سياحية يأتي لها الزوار من كل مكان، وسأجد المأكولات الجنوبية في كل مكان كثقافة لدى الجميع، فأبها تحمل كل المؤهلات التي تجعل منها مقصد لجميع الزوار.

تذكرت الأنضول في تركيا مع فارق التشبيه وأنا أتجول في أبها، ولا أدرى كيف ذكرتني أبها البهية بالأنضول، ربما لأن بهاء الثوب العسيري على الفتاة الجنوبية لا يضاهيه جمال في العالم كله، والجمال يستدعي الجمال، ووجه الشبه بين جمال الطبيعة في تركيا وجماله في أبها كبير جداً، فكلا المدينتين عنوان للأنس.

لنعود لمحور الحديث فليس أضيق وأمر على مجتمعنا من التحدث عن الإناث، وكأنهن مخلوقات شريرة، بالرغم من أنهن متعة الحياة الدنيا، فأبها ذكرتني أن هناك من يسافر هناك بهدف الارتماء في أحضان الطبيعة، وحتى السكن يرغب في أن يغلب عليها الطابع التراثي، كأن تكون غرف الفندق مثل الكهوف، أو أن يكون تجهيز الفندق يتماشي مع الحياة الطبيعة، وليس ذلك في الأنضول فقط، بل هناك جزر تجعل من أماكن ايواء السياح جنة طبيعية، كأن تكون الغرفة على شكل شاليه يطل مباشرة على البحر، أو أن يكون السكن داخل غابة، أو أن يكون السكن على سفح جبل، أو أن يكون الفندق مبني من الجليد.

قد يستغرب ذلك الذي لم يسكن في مثل هذه الدور، ولكن السكن في بيئة بهذا الشكل مزود بحميع وسائل الحياة الحديثة مع متعة التراث والماضي، وهذا يضيف مزيد من المتعة للرحلة، ويمكن السائح من خوض تجربة جديدة تزيد من شغفه بالسفر.

كيف ذكرتني أبها بالأنضول؟، لا شك أن هذا السؤال دار في مخيلتكم وأنتم تقرأون السطور السابقة، فبالتأكيد لا علاقة للأناث بذلك، فأبها المدينة الضبابية الجميلة ينقصها مثل هذه المشاريع، ليس مدينة أبها فحسب بل منطقة عسير بكاملها ومنطقة الباحة والنماص وتنومة وغيرها من مدن الجنوب، فهذه المدن لا تنقصها حضارة ولا تاريخ ولا تراث، فبالإمكان تدعيم ذلك بمثل هذه المشاريع مع لمسة من ماضي الجنوب.

صديقي في الرحلة “رامي” وهو ابن الجنوب، تجول بي داخل المدينة، ودار بي في منطقة السودة، وأراني القصبة العسيرية وهو بناء عبارة عن برج مبني من الجحارة في تنسيق جميل، يستخدم للتخزين أو السكن، وكما قال صديق أن كل زوجة من زوجات العسيري لها “قصبة” مستقلة، وعن بيوت الباحة وتنومة لا تمل الأحاديث، بالرغم من صعوبة سكنها على رجل سمين مثلي.

السؤال الأهم هنا أين دور “الهيئة العامة للسياحة والآثار”، عفواً نسيت فقد تغير أسمها بالأمس وأصبحت “الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني”، فدورها لابد أن يكون كبير جداً وداعم ومتبني لمثل هذه المشاريع، فالسياحة في الداخل بحاجة لتجديد الفكر، ولإعادة صياغتها باختلاف عن الماضي، وبحاجة لتبني للتراث الوطني من أجل إضهار روعته وجماله، فلن يجلب السياح إلا حجم التراث الذي تملكه.

ربما لم تهتم هيئة السياحة في السابق بذلك لكونها مهتمة بالآثار فقط، والآن بعد أن أصبح للتراث من اسمها نصيب سيختلف الأمر.. أتمنى ذلك.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.