مهارة الاستماع.. مجاملة وقيادة

مهارة الاستماع.. فن لا يجيده الكثيرون
هناك من لا تستطيع اكمال العبارة معهم من كثرة مقاطعات الحديث، فلا هو استمع وفهم كلامك، ولا أنت استطعت ايصال الفكرة التي تريد الحديث عنها بشكل ايجابي له، مهارة الانصات من الصعب أن تجد من يجيدها، وإذا وجدت الشخص القادر على ذلك فستجده من المبدعين حقاً، ومن القادة الفاعلين، لأن هذه المهارة هي الوسيلة الأولى لكسب الجمهور.

مهارة الاستماع للآخرين من أصعب المهارات التي يمكن أن نتقنها، فمن الصعب جداً أن نقف هكذا ونستمع إلى حديث أحدهم بدون أن نقاطعه، بعضنا يعتبر أن عندما تستمع بدو مداخلات وسيلة ضعف، فلا يريد أن يكمل الآخر حديثة لكي لا يقول ما لا يجوز له، فهي في النهاية محاولة لتسيد الموقف وكتمان الحق في التعبير، فعدم الاستماع الجيد ليس وسيلة نجاح مطلقة، وإنما تدل على الضعف في أحياناً كثيرة.

بينما الاستماع الجيد يصب في مصلحة الحوار، فالشخص الآخر سيعتقد إما أنك مهتم بالأمر، أو أنك تتعلم منه، أو أنك تجامله، وهذه الأمور الثالثة لا تأتي إلا بخير، وستضيف للحوار بعداً آخر، فحتى لو لم تستطع خدمة المتحدث إذا كانت له حاجة، سيعتبرك أنصفته وسيعتبر أن اهتمامك بسماعه هو الطريقة الأولى لحل مشكلته.

أيضاً الردود عندما تكون في محلها وقت الاستما أو بعده فهي تعطي بعداً آخر للموضوع، فلو كان المتحدث يعبر عن فوائد الافطار على حبات التمر، ورد عليه أحدهم بسؤاله عن شعوره عندما حصل النادي على الدوري، فكيف ستكون ردة فعل المتحدث، فهو سيجزم أن سبب المقاطعة بهذا النوع من الأسئلة إما أن يكون المتلقي غير مستمع وسارح البال وبالتالي لم يفهم الموضوع، أو أن يريد أن يغير الموضوع لأي سبب كان، أو أنه يحتقر المتحدث، وهذا بدوره يلقي بانطباع سيء لدن الملقي.

الاستماع الجيد مهارة تفوق في سحرها وتقبلها من الطرق الآخر مهارة التحدث، فالاستماع هو بداية التواصل مع الآخر بشكل جيد، وكما أوضحت في مثال حبات التمر سابقاً، فلو كان أحدهم مدير جودة أو مدير منتجات، فليس من المهم أن يتحدث كثيراً ليشرح فوائد المنتج، وإنما المهم أن يكون مستمع جيد قادر على الاستماع لاطروحات الناس حول منتجه، وتفنيد شكواهم منه، أو الاستماع لما يريدون أن يحصلوا عليه من المنتج، ومن ثم تفنيد كل ذلك والإجابة عليه.

ومما يزيد قوة هذه المهارة أن تستمع بايجابية، وذلك من خلال التفاعل مع المتلقي سواءً بعبارات بسيطة بدون مقاطعة، أو بلغة العيون، أو لغة الجسد من خلال الايماء بالرأس وغيره، وأيضاً إذا توقف المتحث عن الحديث عليك بتحفيزه على الاستمرار والحديث بشكل أكثر من خلال طرح الاسئلة حول الموضوع.

الحديث عن هذه المهارة لا ينضب، فالاستماع هو أول طرقنا التي تعلمنا منها، فقبل أن نجيد الكلام كنا مستمعون لما يقوله والدينا، ولما يدور حولنا من أحاديث، حتى تعلمنا منهم الكلام، فالأساس هو الاستماع، وفي المدرسة كنا نستمع كثيراً للمعلم لكي ننهل من العلم الذي لديه، حتى اصبحنا قادرين على نشر معرفتنا.

نعم من خلال مهارتنا في الاستماع تأثرنا بمن حولنا، لنأثر بالآخرين لاحقاً، فقبل أن نكون متحدثين جيدين لابد أن نكون مستمعين مميزين، وليس فقط مستمعين بل نجيد هذه المهارة وننصت بدقة وحكمة وتروي.

الاستماع هو المهارة الأولى والحقيقية للدخول في عالم القيادة ومنها يكون الابداع.

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.